صيادلة المغرب يرفضون تسييس أسعار الأدوية
أعلن المجلس الوطني لهيئة صيادلة المغرب رفضه التام إدخال أسعار الأدوية في المغرب في أي نقاش سياسي أو مزايدات برلمانية، معتبرا أن هذا الموضوع يرتبط بالسيادة الدوائية للبلاد وهو أمر إستراتيجي يخص توفير الأدوية بشكل مستدام.
جاء ذلك في سياق رد الهيئة على الأسئلة الكتابية لبعض النواب البرلمانيين التي تناولت الارتفاع الملحوظ في أسعار الأدوية، والتي باتت تتجاوز القدرة الشرائية للمواطن المغربي.
و في نفس السياق، أكد حمزة كديرة،رئيس المجلس الوطني للهيئة،أن المغرب اعتمد منذ فترة آلية مقارنة أسعار الأدوية مع سبع دول أخرى، حيث تم اختيار أدنى الأسعار المعتمدة في تلك الدول لاعتمادها في السوق الوطنية، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في أسعار بعض الأدوية.
وأشار كديرة إلى أن الحكومة اتخذت خطوات إضافية مثل إعفاء بعض الأدوية من ضريبة القيمة المضافة وهو ما ساهم في تخفيف العبء عن المرضى.
وفيما يتعلق بالاتهامات المتكررة حول “التلاعب في الأسعار” وإنهاك المرضى،نفى كديرة هذه الادعاءات مؤكدا أن القطاع الصيدلي في المغرب يحافظ على معايير الجودة العالمية، مشيرا إلى أن الأدوية المصنعة محليا تضاهي جودة تلك المتوفرة في دول أوروبية متقدمة.
التحديات التي تواجه السيادة الدوائية
رغم النجاح الذي تحقق في تعزيز الصناعة الوطنية للأدوية،شدد كديرة على أن المواد الأولية المستخدمة في تصنيع الأدوية ما زالت تعتمد بشكل كبير على واردات من دول مثل الصين والهند. وأوضح أن المغرب يسعى على غرار الدول الغربية إلى تعزيز قدراته المحلية في تصنيع هذه المواد لتأمين استقلاله الدوائي الكامل.أما بالنسبة للأدوية المرتبطة بالأمراض المزمنة مثل السكري، السرطان وأمراض المناعة الذاتية فإن الأسعار ما زالت تمثل تحديا كبيرا للمواطنين.ودعا كديرة إلى تضافر الجهود من أجل مراجعة أسعار هذه الأدوية، معتبرا أن هناك تحركات مستقبلية قد تسهم في تقليل هذه الأعباء على المرضى.
مطالب برلمانية بمراجعة الأسعار
أثارت النائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة مؤخرا قضية ارتفاع أسعار أدوية الأمراض الخطيرة والمزمنة،مشيرة إلى التفاوت الكبير في الأسعار بين المغرب ودول أخرى حيث قد تتجاوز الفروقات نسبة 100% مما يشكل عبئا إضافيا على المواطنين. ودعت الحكومة إلى ضرورة مراجعة هذه الأسعار بما يتناسب مع القدرة الشرائية المتدنية للكثير من المغاربة، مشيرة إلى محدودية التغطيةالصحية المتاحة.
توصيات المجلس الأعلى للحسابات
تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات أشار إلى أن هامش ربح الصيادلة في المغرب يصل إلى 57% على الأدوية التي لا يتجاوز سعرها 166 درهما من المصنع،وهو ما يتجاوز بكثير هوامش الربح المعتمدة في دول مثل بلجيكا (6.42%) وفرنسا (21.4%) والبرتغال (5.58%).
نحو رؤية شاملة لتطوير القطاع الصحي
يبدو أن قضية أسعار الأدوية في المغرب تتجاوز النقاشات السياسية العادية،فهي تمس مباشرة صحة المواطنين وقدرتهم على الوصول إلى العلاج المناسب.وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يبقى من الضروري أن تتبنى الحكومة والجهات المعنية، بما فيها الهيئة الوطنية للصيادلة،رؤية شاملة تعمل على ضمان توفر الأدوية بأسعار معقولة دون المساس بجودتها أو قدرة القطاع الصحي على النمو. كما أن تعزيز السيادة الدوائية يتطلب خطوات إضافية في مجال التصنيع المحلي وتقليص الاعتماد على الواردات من الخارج لضمان استقرار السوق وتوفير الأدوية الضرورية لجميع الفئات الاجتماعية.