المغرب: ركيزة استراتيجية في السياسة الأمنية الإسبانية وتعاون متزايد مع الناتو
في ظل التحديات الأمنية المتنامية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خصوصا مع تصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية في إفريقيا وتأثيرها على أوروبا،يعمل المغرب وإسبانيا على تعزيز شراكتهما الأمنية كجزء من استراتيجية شاملة لمواجهة المخاطر التي تهدد المنطقة.
يشمل ذلك الهجرة غير الشرعية،الإرهاب وتهريب المخدرات،إلى جانب قضايا أخرى تتعلق بالأمن البحري والاقتصادي.
المغرب الذي يتمتع بموقع جغرافي استراتيجي على مفترق الطرق بين إفريقيا وأوروبا، يمثل شريكا رئيسيا لإسبانيا في تأمين حدودها الجنوبية. إذ تلعب القوات المغربية دورا حيويا في مراقبة السواحل ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين نحو الأراضي الإسبانية،بالإضافة إلى جهود المغرب المكثفة في مكافحة الجريمة المنظمة بما في ذلك تهريب المخدرات والبشر.وقد أثمر هذا التعاون المشترك عن تحقيق انخفاض ملحوظ في أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى إسبانيا عبر البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
وفي السياق الإقليمي يسعى حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى تعزيز التعاون مع شركائه الجنوبيين في إطار استراتيجيته الجديدة للتعامل مع الأزمات الأمنية في المنطقة.المغرب على الرغم من عدم كونه عضوا في الحلف،إلا أنه يلعب دورا فاعلا كـ “شريك ذو قيمة” لإسبانيا وللناتو ككل وتأتي الجهود الإسبانية لدعوة المغرب للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية الناتو المقبل،خطوة تعكس اعترافا متزايدا بأهمية الرباط كحليف أمني رئيسي.
ويعتبر تعزيز التعاون مع المغرب جزءا من رؤية الناتو لتوسيع شبكة شراكاته في منطقة الجوار الجنوبي حيث يسعى الحلف إلى دعم القدرات الدفاعية والأمنية لدول المنطقة في مواجهة التهديدات الإرهابية والنفوذ الخارجي،لا سيما مع تزايد الاهتمام الروسي والصيني بتوسيع نفوذهما في إفريقيا.هذا التعاون الأمني يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب المشترك للقوات وتنسيق الجهود لمواجهة الأزمات الإقليمية.
على صعيد آخر يساهم المغرب في تعزيز الاستقرار الاقتصادي الإقليمي من خلال مشاريعه التنموية الكبرى في إفريقيا حيث يسعى إلى تقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول جنوب الصحراء الكبرى وهي منطقة تشهد اضطرابات سياسية وتوترات اجتماعية قد تؤثر على الاستقرار الإقليمي.إن استثمار المغرب في التنمية والبنية التحتية في إفريقيا يلعب دورا مكملا في تحقيق الأمن والاستقرار على المدى البعيد وهو ما يتماشى مع أهداف الناتو وإسبانيا في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
بالتالي، يعد المغرب حليفا إستراتيجيا ليس فقط لإسبانيا بل أيضا لدول حلف الناتو التي تسعى إلى تعزيز استقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط ومواجهة التهديدات الأمنية الناشئة.