الجزائر أمام خيار صعب..الاتحاد الأوروبي يجدد دعمه الكامل للمغرب
بعد خطاب الملك محمد السادس أمام البرلمان في افتتاح السنة التشريعية والذي أكد فيه إنجازات المغرب في حماية وحدته الترابية حاولت الجزائر الرد بتصعيد دبلوماسي عبر استدعاء سفراء أوروبيين لمناقشة دعم بلادهم للمغرب.لكن في خطوة حاسمة جدد الاتحاد الأوروبي على لسان جوزيب بوريل،التزامه بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب مؤكدا على رغبة جميع الدول الأعضاء في تعزيز هذه العلاقات.
يعتبر مراقبون أن هذه التصريحات تمثل صفعة قوية للجزائر التي سعت إلى استغلال حكم محكمة العدل الأوروبية لتشويش على العلاقات المغربية الأوروبية،خاصة قبل اجتماع مجلس الأمن حول قضية الصحراء. وينظر إلى موقف بوريل على أنه تأكيد على أن الاتحاد الأوروبي يرى في المغرب شريكا إستراتيجيا طويل الأمد وهو ما دفع الجزائر إلى اتخاذ تحركات دبلوماسية لإضعاف هذا التحالف.
في هذا السياق يقول البراق شادي عبد السلام،خبير في إدارة الأزمات إن “تصريحات بوريل تعكس موقفا أوروبيا ثابتا من قضية الصحراء المغربية،رغم المحاولات الجزائرية لزعزعة هذا التوجه”مشيرا إلى أن الجزائر استخدمت حكم محكمة العدل الأوروبية بشكل سياسي لعرقلة تطور العلاقات بين الرباط وبروكسل ولكنها فشلت في ذلك.
من جهة أخرى يشير الباحث جواد القسمي إلى أن “محاولات الجزائر لاستغلال الأحكام القضائية الأوروبية باءت بالفشل،وهو ما ظهر بوضوح في استدعائها لسفراء الدول الأوروبية التي أكدت استمرارها في الشراكة مع المغرب”.كما أكد أن الجزائر فقدت تدريجيا تأثيرها على الساحة الدولية خاصة مع تزايد دعم القوى الكبرى للمغرب بما في ذلك روسيا والصين اللتان لم تساندا الجزائر بشكل واضح كما كانت تأمل.
الدعم الدولي المتزايد للمغرب
لا يقتصر الدعم الدولي للمغرب على الاتحاد الأوروبي فقط،بل شهدت العلاقات المغربية مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة نموا ملحوظا. فقد أكد البلدان دعمهما لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل عادل ودائم لقضية الصحراء. وتعد الولايات المتحدة من بين أكبر الداعمين الدوليين للمغرب في هذا الملف حيث اعترفت بسيادته على الصحراء في خطوة تاريخية في أواخر عام 2020.
أما المملكة المتحدة فقد عززت من علاقاتها مع المغرب في عدة مجالات، أبرزها التجارة والأمن وأكدت مرارا على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.هذا الدعم الدولي الواسع للمغرب يعكس مدى التقدير الذي يحظى به على المستوى العالمي،مما يضع الجزائر في موقف ضعيف خاصة مع استمرار تزايد عزلة موقفها الداعم لجبهة البوليساريو.
الشراكة المغربية الأوروبية: بعد اقتصادي واستراتيجي
تعد الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي شراكة اقتصادية واستراتيجية عميقة، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمملكة. وتشمل هذه الشراكة مجالات متعددة مثل الزراعة، الطاقة، والتجارة، إضافة إلى التعاون في مجالات الأمن والهجرة. وقد جاءت تصريحات جوزيب بوريل لتؤكد على استمرار هذا التعاون ولتعزيز رؤية الاتحاد الأوروبي لأهمية المغرب كشريك رئيسي في منطقة شمال إفريقيا.
علاوة على ذلك،يشكل التعاون في مجال الطاقة أحد أهم أركان الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين حيث يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادره من الطاقة، وخاصة في ضوء الأزمة العالمية للطاقة وفي هذا السياق،ينظر إلى المغرب على أنه شريك محوري في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة،وهو ما يعزز مكانته على الصعيدين الاقتصادي والجيوسياسي.
التحديات أمام الجزائر
هذه التحركات الأوروبية والدولية تشير إلى تصاعد الضغوط على الجزائر،خاصة في ظل التزام الرباط الثابت بسيادتها ورفضها لأي تدخلات خارجية في هذا الملف، مما يضع النظام الجزائري أمام معضلة دبلوماسية قد تزيد من عزله على الساحة الإقليمية والدولية. ومع تزايد الدعم الدولي للمغرب وتراجع دعم الأطراف الدولية للطرح الانفصالي تجد الجزائر نفسها في موقف صعب يدعوها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الإقليمية.