في خضم متابعة جلسات البرلمان، حيث يُفترض أن يكون هذا الفضاء هو صوت الشعب ومؤسسته التشريعية الأسمى، يخيل للمرء في أحيان كثيرة أنه يشاهد عرضًا في السيرك بدلًا من نقاشات جادة ومثمرة.
كثيرًا ما نرى النواب، الذين يُطلق عليهم نواب الأمة، ينغمسون في مناقشات فارغة أو استعراضات سياسية غير مجدية، ما يجعل المتابع يشعر بخيبة الأمل في ممثلي الشعب.
هذه الصورة ليست بجديدة؛ فقد وصف الملك الراحل الحسن الثاني البرلمان المغربي بالسيرك، تعليقًا على مستوى النقاشات التي كانت تدور تحت قبته. المثير للاستغراب أن هذا التشبيه، الذي أُطلق قبل عقود، لا يزال صادقًا في كثير من الأحيان حتى اليوم. لم نشهد تحسنًا جذريًا في أداء نواب الأمة، رغم التغيرات والتطورات السياسية التي عرفها المغرب.
إذا أجرينا مقارنة بين برلمانات دول ديمقراطية أخرى، نجد أن البرلمان المغربي ما زال بعيدًا عن المعايير المرجوة. ففي العديد من الدول، تشهد النقاشات البرلمانية مستوى عالٍ من المهنية والالتزام بقضايا المواطنين الحقيقية، حيث يسعى النواب إلى تقديم حلول ومبادرات عملية. أما في المغرب، فما نزال نعاني من ممارسات تجعل الجلسات مجرد عرض لشد الأنظار أو كسب الشعبية، بدلًا من التركيز على مصالح الشعب وتطلعاته.
إن دور البرلمان لا يجب أن يكون مجرد مسرح لاستعراض القوى أو المناكفات السياسية. إنه مؤسسة تُمثل الشعب وتخدم مصالحه، ويتعين على نوابه الارتقاء بمستوى النقاش والعمل إلى مستوى يليق بالثقة التي وضعها الشعب فيهم. لا شك أن تحسين أداء النواب لا يتطلب فقط تحديث البنية التشريعية والقانونية، بل أيضًا تغييرًا جوهريًا في العقليات والمنهجيات المتبعة في العمل البرلماني.