المغرب يصادق على معاهدات تجسد الرؤية الملكية للعمل الافريقي المشترك
إعداد: عبدالرحيم باريج/
صادق المغرب الاثنين المنصرم بمقر الاتحاد الافريقي بأديس أبابا، على عدد من المعاهدات ذات الأهمية الاستراتيجية الهامة، والتي تندرج في إطار تجسيد الرؤية الملكية للعمل الافريقي المشترك.
ويخص الأمر باتفاق إحداث منطقة التبادل الحر القارية الافريقية ، واتفاقية الاتحاد الافريقي حول الوقاية من الفساد ومحاربته ، واتفاقية باماكو، بشأن حظر استيراد النفايات الخطيرة الى افريقيا ، وحول مراقبة التحركات العابرة للحدود، وتدبير النفايات الخطيرة، المنتجة بإفريقيا، والبروتوكول الملحق بقانون تأسيس الاتحاد الافريقي، المتعلق بالبرلمان الافريقي، ومعاهدة (بيليندابا) لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بافريقيا، والميثاق الافريقي حول السلامة الطرقية ، واتفاق المقر المتعلق بإنشاء المرصد الافريقي للهجرات.
ونظمت مراسيم إيداع وثائق تصديق هذه الاتفاقيات ، من طرف مكتب المستشار القانوني، بمشاركة مفوض الاتحاد الافريقي للشؤون السياسية، والامن والسلم ، بانكول أديوي، الذي يمثل ،رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، موسى فقي محمد، والسفير الدائم للمملكة المغربية لدى الاتحاد الافريقي واللجة الاقتصادية لافريقيا والأمم المتحدة، محمد عروشي.
وذكر محمد عروشي في تدخل له خلال هذه المراسم ، أن تصديق المملكة المغربية، على البروتوكول الملحق بالقانون التأسيسي للاتحاد الافريقي المتعلق بالبرلمان الافريقي، الذي تم تبنيه بملابو في 27 يونيو 2014 ، يؤكد على الإرادة الراسخة للمغرب في تحديث وتحسين العمل البرلماني في قارتنا الافريقية، بما يجعل منه ركيزة للتكامل الافريقي ، ووسيلة لتوطيد قيم الديموقراطية، وحقوق الانسان ، بالنظر الى الأدوار التي اضطلعت بها هذه المؤسسة التمثيلية، التي تسهم في تعزيز التضامن والوحدة، وترسيخ الديموقراطية، وحقوق الانسان ، ومبادئ دولة القانون، والحكامة الجيدة، كما هي متعارف عليها دوليا، حتى تكون في مستوى تطلعات المواطنين الأفارقة.
وأكد الدبلوماسي المغربي الى ان المملكة المغربية ، صادقت أيضا على اتفاقية الاتحاد الافريقي ، حول الوقاية من الفساد ومحاربته، التي توفر اطارا قانونيا وتنظيميا منسجما مع السياق الافريقي، يهدف الى تنسيق السياسات والتشريعات الوطنية ، بين الدول الأطراف، ولا سيما تلك المتعلقة بالنهوض بالتنمية الاقتصادية ، وخلق الشروط الملائمة ، الرامية الى الرقي بمبادىء الشفافية ، وربط المسؤولية بالمحاسبة، من اجل المساهمة في تعزيز الحكامة والتنمية بالقارة.
وأكد عروشي في ما يتعلق بالتجارة ، ان مصادقة المغرب على الاتفاق المتعلق باحداث منطقة التبادل الحر القارية الافريقية ،يدل على الانضمام الفعلي للمملكة المغربية لهذه السوق التجارية الفريدة ، وانخراط المغرب في هذا المسلسل .
واعتبر الدبلوماسي المغربي، ان سياق وتوقيت هذا الانضمام، يندرجان ضمن الدور الواعد الذي ستضطلع به هذه السوق القارية، من اجل تحقيق الاقلاع الاقتصادي للقارة، وتعزيز قدرتها لا سيما مع تفشي وباء كوفيد 19 ، وانعكاساته على اقتصادات القارة، والتي تفاقمت جراء الازمة الأوكرانية – الروسية.
وأبرز السفير في ما يخص الاتفاق المتعلق بانشاء المرصد الافريقي للهجرات ، أهمية هذا المرصد ، الذي يعتبر ثمرة رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رائد الاتحاد الافريقي في قضايا الهجرة، وذلك باعتباره مؤسسة للاتحاد الافريقي تتمحور مهامها حول ثلاث مهام هي التفاهم والاستباق والمبادرة.
وستمكن أنشطة المرصد التي تتسم بطبيعة تقنية وعملية، معرفة افضل لظاهرة الهجرة، وخلق تراكم افريقي حول الهجرة، وتيسير انسجام السياسات الفاعلة في هذا المجال .
وفي سياق تناوله للسلامة الطرقية ، سجل عروشي ، ان التصديق على الميثاق الافريقي حول السلامة الطرقية ، يندرج في اطار الالتزامات القارية السابقة للمغرب، وأخذا بنظر الاعتبار للمعدل المرتفع لحوادث السير بافريقيا.
وبخصوص التنمية المستدامة، أكد الدبلوماسي المغربي، ان مصادقة المغرب على اتفاقية باماكو، حول منع استيراد النفايات الخطيرة الى افريقيا ، وحول مراقبة التحركات العابرة للحدود، وتدبير النفايات الخطيرة المنتجة بافريقيا، يعكس عزم والتزام المغرب من اجل بلوغ اهداف هذه الاتفاقية، ومنها مراقبة انتشار النفايات الخطيرة بالقارة، من خلال منع حرق هذه النفايات ،وإلقائها بالمياه الإقليمية الافريقية، وضمان التخلص منها ، بشكل يأخذ في الاعتبار المعايير البيئية المعمول بها على الصعيد العالمي.
وتناول السفير تصديق المغرب على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ،و التي تشكل إضافة نوعية للمنظومة الدولية والقارية الخاصة بالحد من التسلح النووي ، والتي ترتقي في الوقت نفسه بالاستخدام السلمي للطاقة ، من اجل تحقيق ، تنمية بيئية وسوسيو – اقتصادية بافريقيا .
وصادق المغرب في بداية ابريل على المعاهدة المتعلقة باحداث الوكالة الافريقية للأدوية التابعة للاتحاد الافريقي الت تجسد رؤية الملك محمد السادس الرامية إلى تعزيز العمل الإفريقي المشترك في مجالات عدة من بينها قطاع الصحة. وستكون الوكالة الافريقية للأدوية بمثابة الهيئة التنظيمية القارية التي ستوفر القيادة التنظيمية، لضمان وجود أنظمة منسقة ومعززة، والتي تحكم تنظيم الأدوية والمنتجات الطبية في القارة الأفريقية. وكان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قد أكد خلال الدورة العادية ال40 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي أن لمغرب مقتنع بأن هذه الوكالة ستضطلع بدور رئيسي في تحسين قدرات البلدان الإفريقية والمجموعات الاقتصادية الإقليمية، لتقنين المنتجات الطبية، بهدف تحسين الولوج إلى منتجات طبية فعالة، وتيسير ملاءمة تقنين الأدوية، قصد بلوغ معايير مقبولة دوليا.
وتعود علاقة المغرب الروحية والدينية والهوياتية مع إفريقيا إلى قرون، فرغم قربه من أوروبا وتميزه بتمازج الهوية الأمازيغية والأندلسية والعربية، إلا أن الهوية الإفريقية حاضرة دائما. حيث تضل القارة الإفريقية الفضاء الطبيعي الذي يحدد الطبيعة الجغرافية للمغرب. وتمتد علاقة المغرب مع جنوب الصحراء منذ قرون خلت، وعرفت تبادل سفراء وممثلي دول وهدايا وهبات وتبادلات اقتصادية، وخاصة في عهد بعض السلالات الحاكمة كالمرابطين والموحدين والسعديين والذين امتد حكمهم إلى إفريقيا الغربية كما هو الشأن في عهد المنصور الذهبي. و في عهد آخر سلالة حاكمة وهي العلويين استمرت العلاقات بين المغرب وبقية الدول الإفريقية، بل وانتعشت مع انتشار التصوف وتأثير الزوايا على العديد من الدول الإفريقية وازدياد أتباعها ومريديها هناك. ويشترك المغرب مع إفريقيا في العديد من القواسم المشتركة، كالدين والطبيعة الاقتصادية والبشرية والطبيعية والحضارة، وهو ما يجعل من سياسة التعاون بين الجانبين أمرا ملحا ويخدم مصلحة الطرفين، وكان المغرب من أوائل الدول التي أسست لمنظمات افريقية كمنظمة الوحدة الإفريقية.