اغتيالات تثير سخط الموزمبيقيين بعد الانتخابات
في ظل تصاعد التوترات بين الحزب الحاكم (لو فريليمو) وأحزاب المعارضة، ينتظر الموزمبيقيون، إعلان اللجنة الوطنية للانتخابات، النتائج الرسمية النهائية لهذه الاستحقاقات العامة التي جرت في 9 أكتوبر،
و تشهد البلاد تنظيم انتخابات عامة كل خمس سنوات، تشمل انتخابات الرئاسة وكذا الانتخابات التشريعية وتجديد المجالس الإقليمية، بمقتضى دستور 1990 الذي اعتمد التعددية الحزبية،
وأبرز ما ميز الانتخابات الأخيرة، هو أنها جرت في جو ساده السلام والتسامح واحترام الاختلاف والالتزام بالصالح العام، رغم ما واكبها من احتجاجات معزولة، بشهادة المراقبين.
غير أن أعمال العنف بدأت تلوح في الأفق مباشرة بعد إعلان النتائج الجزئية لهذا الاستحقاق، والتي كشفت تقدما واضحا لجبهة تحرير موزمبيق (لو فريليمو)، الحزب الذي يحكم البلاد منذ استقلالها عام 1975، ولمرشحه الرئاسي دانييل تشابو.
وفي خضم الخلافات السياسية، أعرب معارضون عن رفضهم للنتائج الجزئية لهذه الانتخابات، بل وخرجوا بتصريحات مثيرة للرعب، وأعلن آخرون فوزهم وحرضوا المواطنين على العنف من أجل “تغيير النظام السياسي والاجتماعي في البلاد”.
اغتيال معارضين اثنين يثير السخط
أصبح الخوف من اندلاع أعمال عنف جديدة سيد المرقف مع اغتيال شخصيتين من المعارضة، إلفينو دياس، محامي مرشح الرئاسيات فينانسيو موندلين، وباولو جوامبي المتحدث الرسمي باسم الحزب المعارض (بوديموس).
وقتل الرجلان بالرصاص وهما يستقلان سيارتيهما ليلة الجمعة-السبت في العاصمة مابوتو، مما أثار تنديدا سواء من جانب الأحزاب السياسية المتنافسة في هذه الانتخابات أو من جانب المجتمع الدولي.
وردا على ذلك، ارتفعت أصوات عدة في البلاد وحتى في الخارج تدعو إلى الهدوء وضبط النفس، حفاضا على العملية الانتخابية والنظام العام وتجنيب البلاد أعمال العنف بعد الانتخابات. كما هو الأمر بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي دعا ، على لسان رئيسة بعثة مراقبة الانتخابات في الموزمبيق ، لورا بالارين، وممثله السامي جوزيب بوريل، إلى “تحلي الجميع بأقصى قدر من ضبط النفس، واحترام الحريات الأساسية والحقوق السياسية”.
بدورها، شجبت كل من الولايات المتحدة وكندا والنرويج وسويسرا وبريطانيا، في إعلان مشترك ، “كافة أشكال العنف السياسي” في البلاد. والادانة نفسها صدرت عن مرشح الحزب الحاكم دانييل تشابو الذي واصف الاغتيال بأنه “إهانة” للديمقراطية في الموزمبيق.
والشيء المؤكد هو أن هذه التطورات الأخيرة ستؤدي حتما إلى تفاقم التوترات المتزايدة أصلا في هذه البلد الغني بالغاز في منطقة جنوب القارة السمراء، لاسيما مع قرب موعد الإضراب الوطني الذي دعا إليه أمس الاثنين مرشح المعارضة موندلان، احتجاجا على ما وصفه ب ’’حدوث “تزوير خلال انتخابات 9 أكتوبر”، محذرا من أن “دماء دياس وغوامبي لن تمر دون الثأر لها”.
الدعوة إلى الهدوء والسكينة
تجنبا لتصاعد أعمال العنف في البلاد، طالبت مختلف الحساسيات، الأحزاب السياسية ومرشحيها بالهدوء والسكينة، مذكرة بأن اللجنة الانتخابية الوطنية وحدها من تملك السلطة القانونية لإعلان نتائج التصويت. كما طالبت من الأطراف السياسية بمختلف تلويناتها تجاوز صراعاتها السياسية والعمل على سيادة السلام والهدوء والوئام، واللجوء إلى الهيئات الشرعية والعدالة للمطالبة بتعويض جبر الضرر إذا شعروا بانتهاك حقوقهم.
وأعرب العديد من الفاعلين السياسيين عن رفضهم القاطع لتكرار أحداث العنف التي رافققت الانتخابات السابقة، داعين إلى بناء ثقافة الإدماج واحترام المبادئ الديمقراطية، من خلال السماح للهيئات المختصة بالقيام بذلك، حتى تثبت الانتخابات أنها أجريت في أجواء حرة ونزيهة.
وشددوا على أن “أعمال العنف بعد الانتخابات يجب ألا تحدث في البلاد، ويجب محاسبة أولئك المسؤولين عنها’’.
من الواضح أنه بعد مرور 32 عاما على توقيع اتفاق السلام العام الذي أنهى 16 عاما من الحرب التي قادها متمردو رينامو السابقون ضد الحكومة، لا تزال البلاد تواجه العديد من التحديات، منها أن الطبقة السياسية مطالبة ، بدلا من أعمال الشغب والعنف ، بالمساهمة ، من خلال التربية المدنية والمواطنة ، في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، ولكن أيضا في تطوير مؤسساتها.
وبهذه الطريقة، يمكن إيجاد الحلول للمشاكل العديدة التي لا تزال يعاني منها هذا البلد، والتي يقودها التمرد المسلح في مقاطعة كابو ديلغادو (شمال).
وبينما تتجه كل الأنظار نحو اللجنة الانتخابية الوطنية التي ستعلن النتائج النهائية للانتخابات العامة بحلول ال24 من أكتوبر الجاري، يطلب من مواطني الموزمبيق الالتفاف والوحدة للتصدي للعنف في مرحلة ما بعد الانتخابات.