قصة بونعالة..المتسلق العادي
بقلم/ ذ. زهير أصدور
في أحد الأحياء المتواضعة بمدينة صغيرة، عاش شاب يُدعى بونعالة. كان شابًا عاديًا بكل المقاييس: تعليم متوسط، قدرات محدودة، وشخصية غير لافتة. لم يكن متميزًا في دراسته ولا في عمله البسيط. لكن بونعالة كان يحمل طموحًا خفيًا: أن يصبح مهمًا بأي وسيلة ممكنة، حتى لو كانت على حساب الآخرين.
البداية: الفرص الصغيرة
بدأ بونعالة حياته المهنية في مكتب صغير كموظف مساعد. لم يكن يحب العمل الجاد، لكنه كان بارعًا في التملق والتقرب من أصحاب النفوذ. كلما دخل المدير إلى المكتب، كان بونعالة يقف على الفور، يبتسم ويقدم كلمات إطراء مبالغ فيها. بمرور الوقت، بدأ المدير يلاحظ بونعالة، ليس لكفاءته، بل لقدرته على “إظهار الاحترام”، كما كان يعتقد.
الصعود التدريجي
ذات يوم، نظم المكتب حفلاً صغيرًا. كان الجميع مشغولين بالتحضيرات، لكن بونعالة قرر أن يلفت الأنظار. حمل الكاميرا، وأصبح المصور الشخصي للمدير. لم يفوّت لحظة إلا وصورها، ومع كل صورة يقول: “سيدي، هذه الصورة ستصبح تاريخية!” بعد الحفل، أرسل الصور للمدير مع تعليق طويل مليء بالإطراء.
في اليوم التالي، أصبح بونعالة الرجل المفضل للمدير. بدأ يُكلفه بمهام صغيرة، ليست لأنه يثق به، ولكن لأنه كان دائم الظهور بجانبه. وبالتدريج، استغل بونعالة هذه الفرص لبناء شبكة من العلاقات داخل المكتب وخارجه.
أسلوبه في التسلق
لم يكن بونعالة يعتمد على العمل الجاد أو تطوير مهاراته. بدلاً من ذلك، كان يعرف كيف يستغل نقاط ضعف الآخرين. إذا رأى زميلاً ضعيفًا أو جديدًا في العمل، كان يستغل الفرصة لينقل أخطاءه إلى المدير، مع التأكيد أنه “ينبّه لمصلحة الشركة”.
كان لديه أسلوب خاص في كسب ود الآخرين: كان يروي قصصًا عن “بداياته الصعبة” ليجعل الناس يتعاطفون معه، ثم يستغل هذا التعاطف لتحقيق مصالحه.
القمة الزائفة
بعد سنوات من التملق واستغلال الفرص، حصل بونعالة على منصب إداري متوسط. ظن أنه وصل إلى القمة، لكن الحقيقة أنه كان محاطًا بأشخاص لا يثقون به ولا يحترمونه. كانوا يعرفون أنه لم يصل بفضل كفاءته، بل بأساليبه الملتوية.
رغم ذلك، استمر بونعالة في طريقه، لأن ما يهمه ليس كيف يراه الآخرون، بل فقط أن يكون في موقع أعلى.
النهاية: سقوط بلا أصدقاء
مع مرور الوقت، ظهرت أخطاء بونعالة إلى العلن. تقاريره كانت مليئة بالثغرات، وقراراته أضرت بالشركة. عندما حان وقت الحساب، لم يجد أحدًا يقف بجانبه. كل أولئك الذين كان يتملقهم تخلوا عنه، لأنه كان بالنسبة لهم مجرد أداة، وحين فقد قيمته، أصبح بلا أهمية.
عاد بونعالة إلى وظيفته الأولى، لكنه هذه المرة لم يكن الشخص نفسه. أصبح عبرةً للجميع بأن الطريق إلى القمة لا يُبنى على التملق واستغلال الآخرين، بل على الجهد الحقيقي والعمل المخلص.
العبرة من القصة:
قد تساعد أساليب التملق والتسلق في الوصول إلى القمة مؤقتًا، لكن النجاح الحقيقي لا يأتي إلا بالعمل الجاد والاحترام الصادق