أثار محمد أوجار، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار،جدلا واسعا بتصريحاته الأخيرة خلال مشاركته في لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني.
أوجار ينتقد التعيينات الملكية
أوجار أعرب عن استغرابه من تعيين شخصيات تنتمي إلى تيار سياسي يساري على رأس أغلب مؤسسات الحكامة في المغرب، معتبرا أن هذا الأمر يثير العديد من التساؤلات حول حياد تلك المؤسسات،التي تعنى برفع تقارير حول الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
وأشار أوجار إلى أن تقارير تلك المؤسسات كثيرا ما تعاكس أرقام الحكومة،ما يخلق حالة من التشكيك في المعطيات الرسمية التي تعتمد عليها الحكومة الحالية لتحقيق مكاسب سياسية، حسب قوله.
انتقاد ضمني للآلية الملكية
في خطوة مثيرة للجدل،دعا أوجار إلى إعادة النظر في الجهات التي تقترح أسماء المسؤولين لتولي المناصب العليا التي يتم تعيينها من طرف الملك، معتبرا أن هذه الآلية تحتاج إلى مراجعة لتجنب هيمنة تيار سياسي معين على مؤسسات حساسة.
تصريحات أوجار قوبلت برفض واسع على منصات التواصل الاجتماعي حيث اعتبر العديد من المغاربة أن هذا الطرح يمثل تجاوزا للخطوط الحمراء. وأكد بعض المعلقين أن هذا النوع من التصريحات يعكس حالة الغرور التي أصابت الحكومة الحالية خاصة في ظل سيطرة حزب التجمع الوطني للأحرار على المشهد السياسي بعد الانتخابات الأخيرة،التي شابتها اتهامات باستغلال المال السياسي.
حكومة أخنوش تحت المجهر
التصريحات تأتي في سياق يتسم بارتفاع حدة الانتقادات الموجهة لحكومة عزيز أخنوش،الذي يتهمه البعض بتحويل الحكومة إلى مؤسسة تخدم مصالحه الشخصية والعائلية. فقد اتهم أخنوش بتعيين مقربين منه ومن زوجته في مناصب حكومية وإدارية حساسة، ما أثار غضبا شعبيا ودعوات لإعادة النظر في صلاحيات رئيس الحكومة.
أحد النشطاء علق قائلا : “الحكومة الحالية باتت تنحرف عن دورها الأساسي في خدمة المواطنين، وبدل ذلك أصبحت أداة لتحقيق مصالح خاصة.المغاربة لم يعودوا يثقون إلا في الملك لضمان توازن المؤسسات”.
رد الاتحاد الاشتراكي
حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم يتأخر في الرد على تصريحات أوجار،حيث وصفها في بيان رسمي بأنها “غير مسؤولة” وتهدف إلى التشكيك في مصداقية مؤسسات الحكامة وتقريراتها. وأكد الحزب أن المسؤولين عن تلك المؤسسات يتم اختيارهم بناء على الكفاءة والمهنية، وأن تعيينهم من قبل الملك ينزع عنهم أي انتماء حزبي عند ممارسة مهامهم.
وأضاف البيان: “ما قاله أوجار يظهر أن حزب التجمع الوطني للأحرار يسعى إلى فرض سيطرته ليس فقط على الحكومة،بل على كافة مؤسسات الدولة. هذا المنطق يتنافى مع روح الدستور الذي يضمن استقلالية مؤسسات الحكامة عن الصراعات السياسية”.
أوجار يطالب بالتوازن السياسي
في اللقاء نفسه، شدد أوجار على ضرورة تحقيق توازن سياسي في رئاسة مؤسسات الحكامة. وأشار إلى غياب تمثيل أحزاب التحالف الحكومي، مثل التجمع الوطني للأحرار-الأصالة والمعاصرة والاستقلال عن هذه المؤسسات.وأضاف أن هذا الوضع يضر بتعددية المشهد السياسي ويضعف الثقة في المؤسسات.
المغاربة يدقون ناقوس الخطر
التصريحات الأخيرة تأتي في وقت حساس،حيث يعاني المغرب من تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة-تفاقم الفقر واستمرار التفاوتات الاجتماعية. ويرى محللون أن هذه الأزمات تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة ومؤسسات الحكامة بدلا من الخوض في صراعات سياسية تزيد من تعقيد الوضع.
المغاربة الذين يراقبون هذا المشهد عن كثب،باتوا يدعون إلى إصلاح جذري في طريقة إدارة الشأن العام مع التأكيد على ضرورة أن تبقى مؤسسات الحكامة مستقلة وخاضعة لتوجيهات جلالة الملك لضمان حيادها وفعاليتها.
تصريحات محمد أوجار تفتح نقاشا واسعا حول دور الأحزاب السياسية في مؤسسات الدولة،وحول حدود الانتقاد الذي يمكن توجيهه للتعيينات الملكية.وفي الوقت الذي يسعى فيه المغرب لتحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي،تبدو هذه الخلافات السياسية عقبة إضافية أمام تحقيق التنمية المنشودة.