العلمانية والاعتدال بالمغرب..قراءة في تصريح وزير الأوقاف احمد التوفيق+فيديو
الحدث الإفريقي – مصطفى بوريابة
في فيديو قصير انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أثار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي نقاشًا حادًا بتصريحه الذي تناول فيه مفهوم العلمانية وربطه بالإسلام المعتدل الذي يتبناه المغرب.
التصريح، الذي جاء في سياق توضيح موقف الدولة من الدين، حمل دلالات متعددة وفتح المجال أمام تساؤلات عميقة حول طبيعة العلاقة بين الدين والدولة في المغرب.
قال الوزير في معرض حديثه إن “المغرب دولة علمانية” مستشهدًا بمبدأ “لا إكراه في الدين” الوارد في القرآن الكريم. وأضاف أن الإسلام المغربي يتميز بالاعتدال، وهو ما ينسجم مع روح التسامح والوسطية التي تمثل العمود الفقري لسياسة الدولة الدينية. هذا التصريح يُظهر رغبة في التأكيد على أن الدولة لا تفرض دينًا أو ممارسات دينية على مواطنيها، وأن الدين يُمارَس بحرية ضمن إطار يحترم التنوع الثقافي والفكري.
● هل المغرب دولة علمانية؟
وصف المغرب كدولة علمانية في هذا السياق أثار جدلًا، خاصة أن الدستور المغربي ينص في فصله الثالث على أن “الإسلام دين الدولة”، مع ضمان حرية ممارسة الأديان الأخرى. هذه الصيغة تجعل المغرب في حالة خاصة تختلف عن النماذج العلمانية الغربية التي تفصل الدين عن الدولة تمامًا. في المغرب، الدولة تلعب دورًا في الإشراف على الشأن الديني لضمان الاعتدال ومكافحة التطرف، مما يجعلها نموذجًا فريدًا يمزج بين الحفاظ على القيم الدينية وإدارة التعددية.
● الإسلام المعتدل كركيزة
تأكيد الوزير على “الاعتدال” في الإسلام المغربي ليس جديدًا. فالمغرب يشتهر بمذهبه المالكي الذي يقوم على الوسطية، إضافة إلى صوفيته المتأصلة التي تعزز قيم التسامح والرحمة. هذا النموذج يشكل قوة ناعمة للمغرب في مواجهة التطرف ويعكس رؤيته لتقديم الدين كعامل استقرار وتنمية.
● إشكالية المصطلحات
مصطلح “العلمانية” في السياق العربي والإسلامي له حساسية خاصة، وغالبًا ما يُربط بمفاهيم التغريب أو فصل الدين عن الدولة. استخدام الوزير لهذا المصطلح قد يُفهم على أنه محاولة لإعادة تعريف العلمانية بما يتماشى مع الخصوصية المغربية، حيث يتم التوفيق بين الهوية الإسلامية والانفتاح على التعددية.
تصريح وزير الأوقاف المغربي يعكس توجهًا رسميًا نحو تقديم المغرب كنموذج متفرد يجمع بين الأصالة والحداثة، وبين القيم الإسلامية والانفتاح على الآخر. ورغم الجدل الذي قد يثيره مثل هذا التصريح، فإنه يسلط الضوء على تحديات الدول الإسلامية في صياغة سياسات دينية توازن بين الالتزام بالإسلام وضمان الحريات الفردية.