في 16 نونبر 2024، أثار اعتقال الكاتب الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر موجة من الجدل على المستوى الدولي، وخاصة في فرنسا، التي ارتبطت تاريخياً بالكتابات والآراء المثيرة للجدل التي يعبر عنها صنصال. اعتُقل صنصال بتهم تتعلق بـ “المساس بأمن الدولة” على خلفية تصريحاته حول الحدود الجزائرية، وهو ما أثار غضباً واسعاً، خاصة في الأوساط السياسية الفرنسية.
● مواقف فرنسية متباينة
الاعتقال دفع بعض الشخصيات السياسية في فرنسا إلى تبني مواقف حادة ضد الجزائر. على رأسهم النائبة في البرلمان الأوروبي ماريون ماريشال، التي تنحدر من عائلة لوبان اليمينية المتطرفة. ماريشال التي طالما كانت معارضة للنظام الجزائري، دعت إلى تبادل أسرى بين الجزائر وفرنسا، قائلةً إن الجزائر “تتصرف كدولة مارقة”، وطالبت بالإفراج عن صنصال مقابل ترحيل سجناء جزائريين من السجون الفرنسية. ورغم هذه التصريحات المتطرفة، ظهرت بعض الأصوات في فرنسا تدعو إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية هادئة. وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، على سبيل المثال، أكد أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيبذل كل جهد ممكن للضغط من أجل الإفراج عن الكاتب.
● السلطات الجزائرية: إدانة للمواقف المثيرة للجدل
من جهة أخرى، تعتبر السلطات الجزائرية أن تصريحات صنصال تتناقض مع الوحدة الوطنية الجزائرية.
صنصال، الذي كان له دور حكومي في بداية الألفية، معروف بمواقفه المثيرة للجدل بشأن تاريخ الجزائر وعلاقاته مع الغرب، وخاصة دفاعه عن إسرائيل.
واعتُبرت الجزائر تصريحاته حول المغرب وتاريخه الاستعماري تحريفاً خطيراً للحقائق، مما أدى إلى تزايد الانتقادات الداخلية له.
الدبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي وصف تصريحات صنصال بأنها “إحياء للسردية الاستعمارية” التي تسيء إلى الجزائر. على الرغم من ذلك، يعتقد البعض أن اعتقاله قد يساهم في تعزيز صورته على الساحة الدولية، خاصة في الأوساط التي تدعمه في فرنسا.
● التداعيات الدولية: نزاع دبلوماسي متصاعد
يتزامن هذا الحدث مع توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا، حيث تعكس الحادثة صراعاً مستمراً حول الذاكرة الاستعمارية ومواقف البلدين المختلفة بشأن قضايا الشرق الأوسط، خصوصاً الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. في الوقت الذي تدين فيه الجزائر التصريحات التي تعتبرها تطرفًا سياسيًا وثقافيًا، تجد نفسها وسط ضغط دولي يدفعها للبحث عن حلول دبلوماسية قد تؤثر على صورتها الدولية.
إن قضية بوعلام صنصال ليست مجرد قضية اعتقال كاتب، بل هي انعكاس لتاريخ طويل ومعقد بين الجزائر وفرنسا.