الحدث الافريقي- مريم المساوي
دعا محمد بنعليلو وسيط المملكة والنائب الأول لرئيس المعهد الدولي للأمبودسمان، في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها خلال المؤتمر الدولي المنعقد بهونغ كونغ خلال الفترة الممتدة من 02 إلى 04 دجنبر الجاري، تحت شعار “الأمبودسمان في سياق عالم متغير: التعلم من دروس الماضي والتحضير للمستقبل”، بحضور وسطاء ومسؤولين رفيعي المستوى يمثلون 140 مؤسسة، (دعا) إلى ضرورة تناول موضوع التعاون الدولي من خلال مقاربات تدبير الحكامة، باعتبارها آلية متقدمة لإعادة قراءة العلاقة التي تجمع هيئات الأمبودسمان في أبعادها المؤسساتية والحقوقية، من أجل إرساء حكامة إدارية بملامح مشتركة تضمن تقاربها المؤسساتي وتستحضر حجم الرهانات التي يطرحها مفهوم الحكامة في أبعاده المختلفة، من خلال المساحات القانونية والسياسية المتوفرة لكل نظام قانوني على حدة.
وأكد وسيط المملكة، وفق بلاغ لنفس المؤسسة، في معرض مداخلته التي خصصها لموضوع “التعاون الدولي فرص متجددة ونهج ناعم للتغيير: من أجل حكامة ارتفاقية بملامح مشتركة”، على أهمية استحضار النموذج المؤسساتي للأمبودسمان في ظل أزمة الارتفاق العمومي، أو ما أسماه اختصارًا بـ “أزمة الحكامة”، والإجراءات الجديدة التي يجب اتخاذها لرأب الهوة بين السياسات التدبيرية والمطالب الحقوقية في محيط محكوم بمعايير شديدة التغيير.
كما كانت المداخلة مناسبة أثار من خلالها، بنعليلو، الصعوبات التي تعترض بعض المؤسسات في سبيل إدراج موضوع “عمل الأمبودسمان” كأحد محاور التعاون الدولي الرسمي، سواء بسبب موجبات الاستقلالية أو بحكم مجالات تدخله، خاصة حينما يتعلق الأمر بالتوترات الارتفاقية والاجتماعية الناجمة عن السياسات التدبيرية العمومية، أو عندما يتطلب الأمر توفير مساحات سياسية أكبر لتدبير تلك السياسات.
وطالب بنعليلو ، بإيجاد “تصورات مبتكرة” لتطوير المناهج والأدوات اللازمة لدعم أداء مؤسسات الأمبودسمان عن طريق تحويل “مفهوم الحكامة”، باعتباره مجسدًا أساسيًا للعلاقة بين “الشرعية القانونية” و”الشرعية الفعلية”، إلى “موضوع للتعاون العملي”، في ظل الإقرار ببساطة الأدوات التقليدية للتعاون بفعل ما يعرفه العالم من تطورات قلصت إلى حد كبير مساحات الخصوصيات الوطنية، وبالتبعية المساحات الحكاماتية التي تشتغل فيها.
وبالرغم من أن التعاون الدولي في جوهره تعاون بأبعاد سياسية أو سيادية أحيانا، مما يجعله موضوعًا إشكاليًا لدى الكثير من المؤسسات التي لا تتوفر على قدرات مستقلة للتعاون في صورته التقليدية، فقد أكد الوسيط على عدم استبعاد الإدارة الذاتية الفعالة لمؤسسات الأمبودسمان في تحقيق الأثر الإيجابي المطلوب من التعاون بشكل مستدام، ودعا الحضور إلى فتح نقاش هادئ وعميق حول “نمط متطور” للتعاون الدولي، حتى لو اتخذ في البداية مظهرًا تقنيًا محضا تفاديا لتماسه مع بعض الجوانب السياسية، معتبرا أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكل معبرًا آمنًا لمثل هذه النقاشات، وسبيلاً للبحث في تجديد مجالات التعاون الدولي، ومحاولة لتطبيق نموذج معياري له.
ونبه بنعليلو إلى محدودية التصور القائم على اعتبار التعاون بين الوسطاء محصورا في تعزيز القدرات المؤسساتية وبناء الكفاءات وتنمية المهارات، لأن هذا التصور مبني على افتراض افتقار المؤسسات المعنية إلى الكفاءة التدبيرية والإدارية والمعرفية الكافية، في حين أن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية استحضار الأبعاد الحكاماتية والسياسية والحقوقية والتنموية في مجال التعاون، كأبعاد أساسية بآثار متجددة من شأنها تعزيز الكفاءات التشغيلية لمؤسسات الأمبودسمان، بنهج “ناعم” مستدام ضامن لمتطلبات الأمن الارتفاقي عبر بوابة الأمبودسمان.
كما اعتبر الوسيط أن توسيع قاعدة ومستويات التعاون الدولي وتنويعها بين ما هو “أساسي”، وبين ما هو “منتظم”، وبين ما هو “شراكة استراتيجية”، وبين ما هو “تعاون ظرفي تتطلبه ظروف الأزمات”، يشكل أحد المداخل المهمة لدعم الأداء المؤسساتي للأمبودسمان في هذا المجال.
وبعدما استحضر محمد بنعليلو كون فكرة التعاون الدولي قائمة على أولويات جغرافية أو تاريخية أو اجتماعية أو ثقافية، دعا إلى الالتفاف حول الإطار المرجعي العالمي الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بمبادرات مغربية، من أجل تصحيح الاتجاهات الحالية للتعاون الدولي وبلوغ أهداف منسجمة، في إطار رؤية موحدة تخدم التطلعات المشتركة على المدى البعيد.
وختم وسيط المملكة مداخلته بالتأكيد على أن نجاح أي تصور للتعاون الدولي يبقى مشروطا بضرورة إشراك وسائل الإعلام والجمهور في البرامج الدولية للأمبودسمان، قصد المساعدة في خلق راع مشترك لمشاريع التعاون القائمة، في سياق يتسم بتنافسية المعايير.