بقلم: عبد اللطيف خالد
في ظل مايقع يوميا وعلى جميع المستويات، لم يعد هناك بصيص أمل في الإصلاح، أما التغيير فكلمة فضفاضة صعبة، وأصبحت من غريب الألفاظ التي يستهزأ (بضم الياء)من مستعملها ومن يتلفظ بها من متداوليها، والخطير في الأمر أن كل شيء يكاد يخرج عن السيطرة، ولم يعد أحد يمتلك الصفة للبث في مايجري،ولم يعد امرؤ قادر على استيعاب ما يحدث وكيف يحدث؟
لقد بلغ السيل الزبى، ومن كثرة تداخل الأحداث والمصائب التي لا نستطيع لها دفعا، أصبح عدد المشككين أكثر ممن لديهم يقين بأن الغد سيكون اجمل، ولو سكت من لايدري لازال الخلاف،لكن الخطب أكبر مما يعتقد المتفائلون والمبتسمون لأسباب كثيرة وشرح الواضحات من المفضحات، وللمزيد من التأمل في الظواهر الاجتماعية المشينة والمنحرفة والتي لاتسر صديقا ولاعدوا، فإن مأزق الانفلاتات المختلفة ليس في جوهر تواجدها بل في من يحمي هذه الانفلاتات بعيدا عن القانون وضوابطه.
صراحة إن الاختلاف حول تدبير ما يحدث، وما يمكن أن يحدث، جعل الأمور في غاية الالتباس والغموض، مما جعل التفكير في توظيف جرعة واحدة من الجرأة أمرا مستبعدا،واصبح التجاهل وعدم التدخل حتى فيما هو حق من الحقوق الأساسية سمة غالبة لمن أراد أن يعيش في سلام،وأن مجرد تداول فكرة العصيان ولو في المخيلة الجماعية او في العقل الباطن،يعتبرا تآمرا ضد أهل الحل والعقد.
لقد تم اغتيال الديموقراطية على كل الواجهات،واصبح الرهان الأكبر هو خيانة الجماهير،بل خيانة الوطن في واضحة النهار،وامست البيانات والبلاغات مجرد ذر للرماد في العيون،وتمويه ضد الحقيقة الغائبة بتعبير المفكر فرج فودة..وللمزيد من عمق التحليل والتفكير أن الارتباط بالكرسي والالتصاق بالمنصب السياسي لم يعد عملية سهلة او اختيارا بسيطا،ولم تعد تجدي تلك التمارين السياسية التقليدية للتداول حول السلطة،بل إن هذا النمط الكلاسيكي للاختيارات السياسية لم يعد مجديا ولايأتي بنتائج إيجابية، بل تغير تكتيك الحفاظ على المنصب بأساليب موغلة في الهمجية والبدائية استرخصت فيها الأرواح، وفككت فيها الأسر والعائلات، وزالت معها أواصر القرابة وحميمية الدوار والفخذة والقبيلة والدم وكل مايدور في فلكها..
هل يمكن الجزم بأن الغد القريب سيكون جميلا بعد اغتيال الديموقراطية؟ إذن ماجدوى الايمان ببعض المؤسسات التي اصبح يغلب عليها طابع الصورية؟ ومانفع خطابات مزدوجة، يغلب عليها طابع التيئيس وزرع الاوهام وسط قطيع لم يعد له مايخسره في معارك مزورة وفاسدة.