في تطور لافت، شهدت المنطقة العربية حدثاً تاريخياً مع إعلان المعارضة السورية دخول العاصمة دمشق وسقوط نظام بشار الأسد، مما أثار ردود فعل واسعة من الدول العربية والدولية. إلا أن الجزائر، الحليف الأقرب للنظام السوري، التزمت الصمت وسط حالة من الإرباك في الأوساط السياسية داخل قصر المرادية.
لطالما أظهر النظام الجزائري انحيازاً واضحاً لنظام بشار الأسد، داعماً إياه في مواجهة فصائل المعارضة السورية التي وصفها بـ”الإرهابية”. ولم يكتفِ النظام الجزائري بالدعم السياسي، بل سعى إلى إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، متحدياً موقفاً عربياً موحداً بتجميد عضوية النظام السوري منذ 2011.
وفي وقت كانت دول عربية تسعى للتضامن مع الشعب السوري، فضلت الجزائر المضي في تعميق علاقاتها مع نظام الأسد، معتبرةً ذلك جزءاً من استراتيجيتها لتعزيز علاقاتها مع حلفاء موسكو في المنطقة.
منذ عام 2020، كثفت الجزائر محاولاتها لإعادة النظام السوري إلى المشهد العربي، بما في ذلك دعوتها لبشار الأسد لحضور قمة الجامعة العربية التي عُقدت في الجزائر عام 2022. غير أن هذه الجهود اصطدمت برفض عربي، ما أكد عزلة الموقف الجزائري تجاه القضية السورية.
رغم ادعاءات النظام الجزائري بدعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، مثل موقفه من قضية الصحراء الغربية، إلا أن تحالفه مع نظام الأسد يعكس تناقضاً واضحاً. فقد استمر في الدفاع عن النظام السوري على الرغم من الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، مما يؤكد أن هذا الدعم ينبع من مصالح سياسية مشتركة، وليس مبادئ حقوقية كما يدعي.
يرى المراقبون أن التشابه في طبيعة النظامين الحاكمين في الجزائر وسوريا ساهم في هذا التقارب. فكلاهما يعتمد على الحكم العسكري، وكلاهما واجه انتقادات دولية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. ووفقاً للكاتب الصحفي السوري غسان إبراهيم، فإن الجزائر تستخدم علاقتها مع الأسد كوسيلة “للتخريب” على الدور العربي الداعم للمعارضة السورية، في حين أن هذا التقارب لا يحمل أي قيمة استراتيجية حقيقية لكلا النظامين.
مع سقوط نظام بشار الأسد، يجد النظام الجزائري نفسه في موقف صعب، بعدما فقد أحد أبرز حلفائه في المنطقة. ويثير هذا الحدث تساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية الجزائرية، خصوصاً في ظل تزايد الانتقادات الدولية لدورها الإقليمي وعلاقاتها المثيرة للجدل مع الأنظمة المعزولة دولياً.