شهدت العلاقات المغربية-الأمريكية تطورا لافتا خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب،إذ دعمت إدارته سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية،مما عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.هذا التحالف الذي وصف بأنه أحد أقوى الشراكات في المنطقة،وضع المغرب في موقع متميز لتعزيز مكانته على الساحة الدولية.ومع عودة ترامب إلى الواجهة السياسية،تلوح في الأفق فرصة جديدة للمغرب للظفر بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي كممثل عن القارة الإفريقية.
دعم أمريكي لإصلاح مجلس الأمن
لطالما دعت الولايات المتحدة إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي بما يضمن تمثيلا أوسع للقارة الإفريقية حيث صرحت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة،ليندا توماس غرينفيلد، بدعم بلادها لإضافة مقعدين دائمين للقارة السمراء.كما أيد الأمين العام للأمم المتحدة،أنطونيو غوتيريش هذا المطلب في إطار مساعيه لتصحيح “الظلم التاريخي” الذي تعاني منه إفريقيا داخل الهيئة الأممية.
في هذا السياق،يمكن للمغرب أن يستفيد من مكانته الاستراتيجية وشبكة علاقاته الدولية الواسعة خاصة مع الدعم الأمريكي الذي تعزز خلال فترة ترامب.فقد أظهرت الإدارة السابقة التزاما واضحا بدعم المغرب، ليس فقط في قضية الصحراء،بل أيضا في تعزيز دوره كحليف إقليمي موثوق في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في إفريقيا.
مميزات المغرب كممثل لإفريقيا
يتمتع المغرب بعدة خصائص تجعله مرشحا بارزا لتمثيل إفريقيا في مجلس الأمن:
1-الشبكة الدبلوماسية: نجح المغرب في بناء تحالفات إقليمية ودولية قوية، جعلته رقما صعبا في الملفات الجيوسياسية الرئيسية.
2- الاستقرار السياسي والاقتصادي: يتميز المغرب باستقرار داخلي ونمو اقتصادي مستدام يجعله قادرا على تقديم نموذج ناجح لقيادة القارة الإفريقية.
3- المساهمات الإقليمية: يساهم المغرب بشكل فعال في عمليات حفظ السلام- مكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية في المنطقة.
4-العلاقات مع واشنطن: شكل التقارب بين الرباط وواشنطن عنصرا داعما قويا ،حيث تتلاقى أجنداتهما في قضايا متعددة.
تنافس محدود وفرص متزايدة
ترى شريفة الموير،المحللة السياسية، أن المغرب عزز مكانته كقطب قاري ورقم مهم داخل التحالفات الدولية. وأشارت إلى أن سياسات المغرب الخارجية،التي تتميز بالتوازن والانفتاح على شركاء جدد،جعلت من الصعب الحديث عن منافسين محتملين للمملكة في هذا السباق.
وأضافت الموير أن “الدعم الدولي المتزايد للمغرب في قضاياه المصيرية،وخاصة من دول ذات وزن ثقيل داخل مجلس الأمن،يجعل المملكة في موقع متميز للحصول على هذا المقعد.”
تأثير عودة ترامب
مع عودة ترامب،الذي يعرف بتفضيله العمل مع الحلفاء الموثوقين، يتوقع أن تتعزز فرص المغرب.ويرى إدريس قسيم الباحث في العلاقات الدولية، أن إدارة ترامب تتبنى منهجية جديدة في التعامل مع القضايا الإفريقية، حيث تعتمد على دعم القوى الإقليمية المؤثرة.وأكد قسيم أن المغرب كفاعل رئيسي في منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي،لديه الحافز والدافع لتعزيز هذا الدعم من أجل تحقيق هدفه المتمثل في الحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن.
وأشار قسيم إلى أن هذا الهدف ينسجم مع رغبة المغرب في تسريع حسم ملف الصحراء،وهو الملف الذي شهد تطورا ملحوظا خلال ولاية ترامب الأولى.
إصلاح الأمم المتحدة
إصلاح مجلس الأمن الدولي ليس مسألة تمثيل فقط،بل يشمل أيضا إعادة النظر في فلسفة عمل المنظمة ككل.ويرى الخبراء أن المغرب يتمتع بالقدرة على تمثيل إفريقيا بكفاءة في ظل تعدد تحالفاته وامتداداته الجيوسياسية.
وقال قسيم: إفريقيا تحتاج إلى مقعدين دائمين يعكسان التوازنات الإقليمية.والمغرب بفضل موقعه الاستراتيجي وارتباطاته الإقليمية والدولية، يعد الأنسب لتمثيل المنطقة على مستوى عال.
آفاق المستقبل
يعكس التطور الكبير في العلاقات المغربية-الأمريكية نموذجا للتعاون بين الدول الإفريقية والقوى الكبرى. ومع استمرار الجهود الدولية لإصلاح مجلس الأمن،يبرز المغرب كمرشح قوي ومؤهل لتمثيل القارة الإفريقية في هذه الهيئة الأممية المهمة،خاصة مع الدعم الأمريكي المتوقع في ظل عودة ترامب إلى المشهد السياسي.