السوريون يعودون إلى بلادهم وعيونهم تتطلع لمستقبل آمن
مع إعلان سقوط نظام بشار الأسد شهدت الحدود السورية حركة غير مسبوقة للاجئين السوريين الذين قرروا العودة إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح واللجوء.أكثر من 6 ملايين سوري يعيشون خارج بلادهم منذ اندلاع الحرب،منهم حوالي 5,575 لاجئا في المغرب،وفقا لإحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لعام 2023.
عودة اللاجئين: مشاهد مؤثرة
بدأت موجات العودة مع تجمع الآلاف من اللاجئين على الحدود السورية مع لبنان-الأردن-تركيا والعراق وهي الدول التي استضافت الحصة الأكبر من اللاجئين السوريين خلال الأزمة. تجاوز عدد اللاجئين في تركيا ثلاثة ملايين شخص،بينما استضافت لبنان ما يقرب من 775 ألفا،والأردن أكثر من 600 ألف،والعراق 300 ألف،ومصر حوالي 150 ألفا.
وفي الدول الأوروبية، استقبلت ألمانيا النصيب الأكبر من اللاجئين السوريين بحوالي 716 ألفا،بينما توزع اللاجئون الآخرون على دول مثل النمسا-فرنسا وبلجيكا بأعداد أقل.
اللاجئون السوريون في المغرب: قصص نجاح وتحديات
في المغرب يعيش اللاجئون السوريون قصصا متباينة بين الاندماج الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة.تمكن البعض من فتح مشاريع صغيرة،مثل مطاعم للأكلات السورية أو ورش للحرف اليدوية كحفر الآبار والحدادة،مما ساعدهم على بناء حياة جديدة بعيدا عن الوطن. في المقابل يواجه آخرون صعوبات في توفير احتياجاتهم اليومية،خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء،حيث لجأ البعض إلى التسول كوسيلة للبقاء على قيد الحياة.وبرغم التحديات لم تخف الجالية السورية في المغرب حماسها للعودة إلى الديار فور استقرار الوضع الأمني والسياسي.
تحذيرات أممية: بين الأمل والتريث
مع هذه التطورات،حذرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من التسرع في العودة إلى سوريا بسبب الغموض الذي يكتنف الوضع الأمني والسياسي في البلاد.وقال المفوض السامي فيليبو غراندي: “هناك فرصة كبيرة لسوريا للمضي نحو السلام،لكن العودة تحتاج إلى ضمانات أمان واضحة.”ودعا غراندي إلى التحلي بالصبر واليقظة أثناء تقييم اللاجئين لخياراتهم،مشيرا إلى أن بعض اللاجئين متحمسون للعودة بينما يبدي آخرون توجسا نظرا لعدم وضوح الرؤية بشأن إعادة الإعمار وضمان حقوقهم الأساسية.
أعباء اللجوء على الدول المستضيفة
تشكل عودة اللاجئين تحديا كبيرا للدول المستضيفة،خاصة في الشرق الأوسط.ففي لبنان يمثل اللاجئون السوريون واحدا من كل عشرة أشخاص،مما يضغط بشكل كبير على الاقتصاد والبنية التحتية.أما في تركيا فقد أعرب الرئيس رجب طيب أردوغان عن أمله في عودة اللاجئين تدريجيا،حيث تستضيف بلاده أكبر عدد منهم عالميا .
على الجانب الأوروبي،بدأت بعض الدول تعليق النظر في طلبات اللجوء الجديدة للسوريين،في إشارة إلى تغير سياسات الهجرة في ظل التغيرات الميدانية في سوريا.
آفاق مستقبلية: العودة المشروطة
عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم تمثل بداية جديدة لهم ولبلادهم لكنها مشروطة بتحقيق السلام والاستقرار وتهيئة بيئة آمنة للعيش. يبقى الأمل معلقا على تحركات دولية وإقليمية لضمان حقوق العائدين والمساهمة في إعادة بناء سوريا.
الأزمة السورية تعتبر واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العصر الحديث. حل هذه الأزمة يتطلب تعاونا دوليا وإقليميا يعالج الأسباب الجذرية للنزوح،مع التركيز على بناء سوريا جديدة تتسع لكل ابنائها.