بقلم :عبدالله العبادي
قرابة 48 مليون فرنسي كانوا مدعوون اليوم للتصويت على الرئيس الجديد للجمهورية الفرنسية، ويتنافس كلا المترشحين، الرئيس المنتهية ولايته ايمانويل ماكرون 44 عاما، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين 53 عاما. وتعتبر انتخابات اليوم تاريخية بالنسبة لماكرون حيث يعتبر هذا الأخير أول رئيس يعاد انتخابه منذ عهد جاك شيراك سنة 2002، حين فاز آنذاك على جان ماري لوبين في الدور الثاني.
نسبة المشاركة قاربت 64 بالمائة بأقل من نقطتين من الانتخابات الماضية، ونسبة الامتناع ناهزت 27 بالمائة حسب معطيات لجنة الانتخابات. إلا أن الملاحظ هو تقدم اليمين المتطرف من 33 بالمائة في الاستحقاقات الماضية إلى أكثر من 41 بالمائة في انتخابات اليوم، وهو الأمر المقلق ليس فقط بالنسبة لفرنسا والفرنسيين ولكن أيضا لمستقبل الاتحاد الأوروبي ومستقبل الجمهورية الفرنسية وعلاقاتها الخارجية.
فاز ايمانويل ماكرون ب58،8 بالمائة متفوقا على غريمته المتطرفة اليمينية لوبين التي حازت على 41،2 بالمائة، وبذلك يعاد انتخاب ماكرون لولاية ثانية رغم اعتباره إعلاميا وفي المجتمع الفرنسي كأسوأ رئيس في تاريخ الجمهورية الخامسة، لكن وصول اليمين المتطرف للدور الثاني دفع بالفرنسيين للتصويت على ماكرون كأقل الضررين، في حين لو حضر جان لوك ميلانشون الجولة الانتخابية الثانية أمام ماكرون ستكون هناك قراءات أخرى ومفاجآت.
وعقب النتائج، أقرت المنافسة اليمينية مارين لوبين بهزيمتها اليوم، وصرحت أنها ستواصل كفاحها السياسي ضد الرئيس الحالي في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية في يونيو المقبل. في حين توصل الرئيس المعاد انتخابه بتهنئة العديد من القادة، ورأى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن أوروبا يمكنها أن تعول على فرنسا لخمس سنوات القادمة، وأضاف: في هذه المرحلة المضطربة، نحتاج إلى أوروبا صلبة وإلى فرنسا ملتزمة تماماً من أجل اتحاد أوروبي أكثر سيادة وأكثر استراتيجية.
الشيء الذي يمكن اعتباره، نهاية الخوف من صعود اليمين المتطرف للسلطة بفرنسا، وهو الأمر الذي يخافه قادة الاتحاد والمجتمع الأوروبي عموما. حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين: أبدي ارتياحي إلى التمكن من مواصلة تعاوننا الممتاز، معاً سنمضي قدماً بفرنسا وأوروبا.
في حين اعتبر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي أن فوز ايمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية هو خبر رائع لكل أوروبا، أما رئيس وزراء بريطانيا والتي انسحبت بلاده من الاتحاد الأوربي، فقد أبدى سروره بمواصلة العمل مع ماكرون، مؤكداً أن فرنسا هي أحد حلفاء المملكة المتحدة الأكثر قرباً. أما المستشار الألماني أولاف شولتس فقد اعتبر إعادة انتخاب ماكرون بمثابة رسالة قوية من الناخبين الفرنسيين لصالح أوربا.
إذن، ماكرون في قصر الإيليزيه لخمس سنوات أخرى، رغم احتجاجات الشارع الفرنسي في السنين الأخيرة الغير الراضية على أدائه، لكنه فاز بعد صراع مع اليمين المتطرف وتراجع تاريخي للحزب الاشتراكي الفرنسي والأحزاب التقليدية الأخرى، وبروز بشكل لافت اليسار الراديكالي واليمين المتطرف على الساحة السياسية الفرنسية.