في حادثة غير مسبوقة، أكدت وكالة “رويترز”، نقلاً عن مصدر في جهاز الأمن الأوكراني، أن المخابرات الأوكرانية نفذت “عملية خاصة” أسفرت عن مقتل الجنرال الروسي إيغور كيريلوف في قلب العاصمة الروسية موسكو. الحادث الذي وُصف بأنه تصعيد خطير في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول طبيعة الحرب الخفية بين أجهزة الاستخبارات في البلدين.
وقع التفجير عند مدخل مبنى سكني في شارع ريازانسكي بروسبكت بموسكو، حيث استُخدمت عبوة ناسفة مزروعة داخل دراجة كهربائية. التفجير أدى إلى مقتل الفريق أول كيريلوف، الذي كان يشغل منصب قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي في الجيش الروسي، إلى جانب مساعده.
لجنة التحقيق الروسية وصفت الحادث بأنه “عمل إرهابي مدبر”، بينما لم تتمكن “رويترز” من التحقق من صحة الادعاءات الأوكرانية. ومع ذلك، تشير طبيعة العملية إلى تخطيط محكم واعتماد أسلوب جديد في الحرب التي تمتد الآن إلى ما وراء ساحات القتال التقليدية.
جاء الرد الروسي سريعاً، حيث وصف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، الاغتيال بأنه “محاولة إرهابية لترهيب الشعب الروسي”، مضيفاً أن “الانتقام الحتمي” ينتظر القيادة الأوكرانية.
هذا التصعيد في الخطاب السياسي يعكس جدية موسكو في التعامل مع الحادثة، خصوصاً أن كيريلوف كان يُعتبر شخصية محورية في الجيش الروسي. فقد كان مسؤولاً عن التحقيق في مشاريع المختبرات البيولوجية الأوكرانية، التي زعمت روسيا أنها تهدف لتطوير أسلحة بيولوجية تهدد أمنها القومي.
كيريلوف، البالغ من العمر 54 عاماً، عُرف بدوره البارز في الكشف عن تهديدات بيولوجية وكيميائية محتملة من الجانب الأوكراني، وكان اسمه مدرجاً في قوائم العقوبات الغربية منذ عام 2017. وفاته تُعتبر ضربة كبيرة للمؤسسة العسكرية الروسية، ليس فقط على مستوى القيادة، ولكن أيضاً من الناحية الرمزية، حيث كان يمثل أحد أبرز وجوه الحرب الإعلامية الروسية.
العملية تشير إلى تطور الصراع الروسي-الأوكراني من المواجهة العسكرية المباشرة إلى حرب استخباراتية متقدمة، تعتمد على استهداف القيادات الحيوية والمؤثرة.
لكن يبقى السؤال: هل يشكل هذا الحادث بداية لتصعيد أكبر بين الطرفين؟ وإذا كان الرد الروسي حتمياً، كما صرّح مدفيديف، فما طبيعة هذا الرد، وهل سيُنفذ على الأراضي الأوكرانية أم يتجاوزها إلى مستوى دولي؟
اغتيال كيريلوف يعكس عُمق التوترات بين موسكو وكييف، ويُبرز كيف أن الحرب قد تحولت إلى معركة مفتوحة على كافة المستويات. وبينما تتابع الأطراف الدولية تطورات هذا الحدث، يبقى الوضع مرشحاً للمزيد من التصعيد في الأيام القادمة.