مسرح البدوي ينعي رحيل الفنان محمد الخلفي
بقلم/ كريمة البدوي
ينعي مسرح البدوي بكل أسى و حزن رحيل الفنان محمد الخلفي الذي إكتشفه عميد المسرح المغربي صدفة بدرب السلطان سنة 1957حيث كان بائعا بسيطا للنعناع و كان عبدالقادر البدوي وقتها يعرض بسينما رويال بقيسارية الحفاري بدرب السلطان في مدينة الدارالبيضاء مسرحية “في سبيل التاج” للكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي عن فرانسوا كوبيه و كان يشاركه في تشخيص المسرحية من الفنانين الممثل مصطفى الثومي في دور برانكومير الذي غادر فجأة العرض و حتى لا تتوقف العروض المسرحية و بما أنه وقتها لم يكن هناك معاهد ولا مكاتب كاستينج فقد كان عبدالقادر البدوي المنتج و المخرج يصنع الفنانين من عامة الناس الراغبين في تعلم مهنة ترتقي بمستواهم المادي و الإجتماعي.
و هكذا انضم محمد الخلفي إلى مسرح البدوي بمركز تكوين الممثل بدرب الفقراء و تعلم على يد عميد المسرح المغربي أبجديات المسرح و قدم أولى عروضه المسرحية بديلا لمصطفى الثومي في مسرحية “في سبيل التاج” أمام عبدالقادر البدوي في دور قسطنطين باللغة العربية الفصحى. ثم قدمه عبد القادر البدوي في مسرحية من تأليفه و إخراجه “يد الشر”1959- 1960 والتي شاركت ايضا فيها كتلميذة لعبدالقادر البدوي ٱنذاك الفنانة نعيمة المشرقي.
و في تلك الفترة تم تعيين الطيب الصديقي مديرا للمسرح البلدي فدعا كل خريجي مسرح البدوي من فناني مسرحية يد شر لعبد القادر البدوي إلى العمل معه في المسرح البلدي لكن بعد فترة وجيزة إختلف محمد الخلفي مع الطيب الصديقي، وترك المسرح البلدي وعاد ليتألق من جديد مع مسرح البدوي. حيث قدمه عبدالقادر البدوي في مسرحية التطهير سنة 1962 و هي مسرحية سياسية من تأليف وإخراج و بطولة عبدالقادر البدوي و سعاد هناوي و فاطمة حجي وٱخرون.
وقد تعرض بسببها عبدالقادر البدوي لمحاولة إغتيال تحدث عن ملابساتها في كتابه سيرة نضال، مما اضطره إلى تغيير اسم العرض إلى مسرحية “غيثة” و قدمها في عروض جماهيرية في مختلف أنحاء المملكة و في جولة بمختلف مدن الجزائر .
كما قدم محمد الخلفي مع مسرح البدوي مسرحية “الجربة في الميزان” دراماتوجيا و اخراج عبدالقادر البدوي.و قد أنتج له عبدالقادر البدوي مسرحية “طالب معاشو”و قدمه كمخرج لأول مرة.
تكوين محمد الخلفي في مسرح البدوي و تتلمذه على يد عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي الكاتب و المخرج و النجم المسرحي و المنتج خلق عند محمد الخلفي حلم أن تكون له هو أيضا فرقة مسرحية مستوحاة من المدرسة الأم مسرح البدوي.و قد أسس فرقته في الثمانينات و قدم مجموعة من العروض المسرحية قاسمته فيها البطولة الفنانة سلوى الجوهري لكن هذه التجربة لم تستمر طويلا ليقرر الخلفي الإكتفاء بالتمثيل فقط.
وقد تألق في العديد من الأعمال المغربية و العربية و ظلت تجمعه علاقة طيبة بأستاذه و مكتشفه وزميله عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي حتى ٱخر أيامه .
و نتأسف أن بعض المنابر عندما تتحدث عن سيرة محمد الخلفي و غيره من الفنانين من خريجي مسرح البدوي تتغاضى إما ” عمدا” أو جهلا بالتاريخ عن مولدهم الفني و مدرستهم الأم مسرح البدوي التي قدمتهم للسوق المغربية. هذه المدرسة العريقة التي تخرج منها معظم نجوم الساحة الفنية و صنع نجوميتهم فيها عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي الذي ربما تاريخه النضالي المرتبط بمقاومة الإستعمار الفرنسي جعل اللوبيات الفرنكوفونية تنعي محمد الخلفي بإسقاط صفحة مسرح البدوي من تاريخه الفني و الإنساني.
رحم الله الفقيد و أسكنه فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون.