أخبارالرئيسيةفي الصميم

ما هي الأخطاء التي يرتكبها الصحفيون عند استخدام الذكاء الاصطناعي في عملهم ؟

في السنوات الأخيرة، أصبح الذكاءالاصطناعي (AI) أداة رئيسية في مختلف المجالات، بما في ذلك الصحافة.
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الصحفيين في جمع المعلومات، تحرير النصوص، وحتى تحليل البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة. ومع ذلك، إذا لم يتم استخدامه بحذر وفهم كافٍ، يمكن أن يؤدي إلى أخطاء تؤثر على جودة العمل الصحفي ومصداقيته. في هذا المقال، سأشرح لك بثلاثة أمثلة واضحة الأخطاء التي يقع فيها الصحفيون عندما يستخدمون الذكاء الاصطناعي بشكل غير صحيح.

بقلم/ د.مهدي عامر

الخطأ الأول: الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي دون التحقق من المعلومات

أحد الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الصحفيون هو الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي لجمع الأخبار ونشرها دون التحقق منها بشكل كافٍ. على سبيل المثال، يمكن لبرمجيات الذكاء الاصطناعي أن تجمع بيانات من الإنترنت وتولد تقريرًا صحفيًا بناءً على ما تجد. ولكن في كثير من الأحيان، قد تحتوي هذه البيانات على معلومات مضللة أو مغلوطة.

في عام 2020، قامت إحدى الوكالات الإخبارية بنشر خبر عن حادثة كبيرة استندت إلى تقرير كتبه نظام ذكاء اصطناعي.و تبين فيما بعد أن الخبر استند إلى مصادر غير موثوقة، مما أدى إلى نشر معلومات خاطئة وإثارة الذعر بين الجمهور. المشكلة هنا أن الصحفيين لم يقوموا بالتأكد من صحة المعلومات التي جمعها الذكاء الاصطناعي، وافترضوا أنها صحيحة فقط لأنها أُنتجت بواسطة تقنية حديثة.

الدروس المستفادة:
– الذكاء الاصطناعي أداة قوية، ولكنه ليس بديلاً عن التفكير النقدي والتحقق البشري.
– يجب على الصحفيين دائمًا التحقق من مصادرهم، حتى لو كانت مأخوذة من نظام ذكاء اصطناعي.

الخطأ الثاني: فقدان العنصر الإنساني في السرد الصحفي

يستخدم بعض الصحفيين الذكاء الاصطناعي لكتابة مقالات إخبارية بالكامل، خاصة في التقارير التي تعتمد على الأرقام مثل نتائج المباريات الرياضية أو تقارير السوق المالية. ومع أن الذكاء الاصطناعي يمكنه إنتاج نصوص صحيحة ومفهومة، إلا أنها غالبًا ما تفتقر إلى العنصر الإنساني الذي يجعل القصة مؤثرة وجذابة.

على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكتب تقريرًا عن مباراة كرة قدم ويذكر النتائج والإحصائيات. ولكن لن يضيف مشاعر اللاعبين، ردود فعل الجماهير، أو السياق الثقافي الذي يجعل القارئ يتفاعل مع القصة. من الممكن ان ينشر موقع رياضي مثلا مقالاً مكتوباً بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، لكنه سيتلقى انتقادات حادة من القراء الذين سيصفون النص بـ”البارد وغير الإنساني”.

الدروس المستفادة:
– الصحافة ليست مجرد نقل للمعلومات؛ إنها تقوم على سرد القصص بطريقة تجذب القارئ وتؤثر فيه.
– الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مساعدًا، ولكن لا يمكنه أن يحل محل الحس البشري في الكتابة.

الخطأ الثالث: التحيز في البيانات التي يتعلم منها الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي يتعلم من البيانات التي يُدرب عليها. و إذا كانت هذه البيانات متحيزة أو غير متوازنة، فإن النتائج التي يولدها ستكون متحيزة أيضًا. في مجال الصحافة، هذا يمكن أن يكون خطيرًا جدًا، خاصة عند تغطية قضايا حساسة مثل المساواة العرقية أو حقوق الإنسان.

على سبيل المثال، استخدمت صحيفة مشهورة برنامج ذكاء اصطناعي لتحليل تغريدات حول احتجاجات اجتماعية. و اعتمد البرنامج على مجموعة بيانات كانت منحازة ضد جماعة معينة، مما أدى إلى تقرير يبرز جانبًا واحدًا من القصة فقط ويتجاهل وجهات النظر الأخرى. هذا النوع من الأخطاء يمكن أن يضر بمصداقية الصحفيين ويؤدي إلى تعزيز الصور النمطية السلبية.

الدروس المستفادة:
– يجب أن يكون الصحفيون على دراية بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي ليست محايدة دائمًا.
– من الضروري مراجعة النتائج وتحليلها بشكل نقدي لضمان التوازن والإنصاف في التقارير.
في الختام، تذكر ان الذكاء الاصطناعي هو أداة مذهلة يمكن أن تُحدث ثورة في مجال الصحافة، ولكن فقط إذا تم استخدامه بشكل صحيح. و من المؤكد ان الأخطاء التي ناقشناها – من الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي دون التحقق، إلى فقدان العنصر الإنساني، إلى التحيز في البيانات – تظهر أن التكنولوجيا لا يمكن أن تكون بديلاً عن المهارات الصحفية التقليدية.

و بالتالي، على الصحفيين أن يتعلموا كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بحذر وذكاء، مع الجمع بين قوة التكنولوجيا و نباهة العقل البشري.

ان هذا هو المفتاح لإنتاج تقارير صحفية دقيقة، متوازنة، ومؤثرة.

إذا، مع كل هذه الإمكانيات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، يبقى السؤال / التحدي المطروح هو التالي : كيف يمكن للصحفيين تحقيق التوازن المثالي بين استخدام التكنولوجيا الحديثة والحفاظ على جوهر العمل الصحفي القائم على الإبداع، و النزاهة، واللمسة الإنسانية؟
**استاذ باحث بالمعهد العالي للاعلام و الاتصال

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button