Hot eventsأخبارالبودكاستبرامج الحدث الافريقي

كيف دمرت أمريكا وإسرائيل مفاعل نتنز الإيراني؟+ فيديو

“تخيلوا معي… أنتم مهندسون في مفاعل نووي شديد الأهمية، كل شيء يبدو طبيعيًا، الأجهزة تعمل كما يجب، الأنظمة تقول إن كل شيء تحت السيطرة. لكن فجأة، تبدأ الأعطال بالظهور، غير مفهومة، عشوائية، تفسد خططكم وتضع برنامجكم النووي بالكامل في خطر. ما السبب؟ هل هو خطأ بشري؟ خلل تقني؟ أم أن هناك من يتلاعب بكم من الظلام؟

ما لم تعرفوه حينها، أنكم أمام واحدة من أذكى وأخطر الهجمات السيبرانية في تاريخ البشرية… قصة ستوكسنت. اليوم، سأروي لكم تفاصيل هذا السلاح الرقمي الذي غير قواعد اللعبة للأبد!”

بين عامي 2009 و2010، واجه المهندسون في مفاعل نطنز النووي الإيراني ظاهرة غريبة. أجهزة الطرد المركزي، العمود الفقري لعملية تخصيب اليورانيوم، بدأت تظهر أعطالًا غير مفهومة. بعض الأجهزة كانت تدور أسرع من المعدل الطبيعي، وأخرى أبطأ، دون أن تظهر أي مؤشرات واضحة على وجود مشكلة. عمليات الفحص الفني أكدت أن الأجهزة تعمل بشكل طبيعي، مما زاد من حيرة المهندسين الإيرانيين.

ما لم يكن المهندسون يعلمونه آنذاك هو أنهم أمام واحدة من أذكى وأعقد الهجمات السيبرانية في التاريخ. فيروس غير مرئي يتسلل إلى أعماق أنظمتهم ويغير مسار برنامجهم النووي بالكامل. هذا الفيروس كان “ستوكسنت”، أول سلاح سيبراني معروف يتسبب في أضرار مادية حقيقية.

● فيروس ذكي بمهمة محددة

مع تكرار الأعطال ووصولها إلى مستويات أثرت على عملية التخصيب نفسها، بدأ الشك يساور المسؤولين الإيرانيين: هل هذه الأعطال طبيعية أم أن هناك من يقف خلفها؟ في يونيو 2010، تم استدعاء شركة أمن سيبراني صغيرة من بيلاروسيا للتحقيق. اكتشفت الشركة وجود فيروس معقد وغير معروف، لكنه كان خارج حدود إمكانياتها لفهمه. لذا استعانت إيران بخبراء دوليين مثل شركات “سيمانتك” و”كاسبرسكي” لتحديد طبيعة الفيروس.

توصل الخبراء إلى أن الفيروس، المعروف باسم “ستوكسنت”، لم يكن فيروسًا عاديًا. فقد استغل ثغرات غير معروفة في نظام التشغيل “ويندوز”، واستهدف برنامج “سيمنز ستيب 7″، المستخدم في برمجة وحدات التحكم المنطقية القابلة للبرمجة. الهدف: التلاعب بسرعات أجهزة الطرد المركزي بشكل خفي وصامت، مع إعطاء قراءات طبيعية لنظم المراقبة.

كانت النتيجة كارثية بالنسبة لإيران. دمر الفيروس نحو 1,000 جهاز طرد مركزي من أصل 5,000، مما أضعف قدرة البلاد على تخصيب اليورانيوم وأخر برنامجها النووي لسنوات.

مشروع مشترك بين أمريكا وإسرائيل

تشير التقارير إلى أن “ستوكسنت” كان ثمرة تعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل في إطار عملية أطلق عليها اسم “الألعاب الأولمبية”. بدأ تطوير الدودة في عهد الرئيس جورج بوش عام 2006 واستمر في عهد الرئيس باراك أوباما. الهدف كان واضحًا: تعطيل البرنامج النووي الإيراني دون الحاجة إلى توجيه ضربة عسكرية مباشرة.

● عبقرية تقنية وتهديد عالمي

ما ميز “ستوكسنت” عن غيره من البرمجيات الخبيثة هو تصميمه المبتكر. استغل أربع ثغرات “زيرو داي”، وهي من أخطر الثغرات في عالم الأمن السيبراني، وانتشر عبر أجهزة USB الملوثة، حتى في الأنظمة غير المتصلة بالإنترنت. كما استخدم شهادات رقمية مسروقة لتجاوز برامج الحماية، مما جعله يبدو كبرنامج شرعي.

انتشر الفيروس عالميًا قبل أن يصل إلى هدفه النهائي، مما أثار صدمة في المجتمع السيبراني. فقد أصاب آلاف الأنظمة في دول مثل الهند، ألمانيا، وأمريكا، لكن تأثيره كان خاملاً في كل مكان باستثناء مفاعل نطنز.

● تغيير قواعد اللعبة

اكتشاف “ستوكسنت” عام 2010 شكل نقطة تحول في عالم الأمن السيبراني. كان أول سلاح سيبراني معروف يتسبب في أضرار مادية حقيقية، وأثبت أن الحروب الإلكترونية يمكن أن تكون فعالة بقدر الحروب التقليدية. منذ ذلك الحين، شهد العالم تصاعدًا في الهجمات السيبرانية، مثل هجوم “بيتيا” الروسي عام 2017 وحملات كوريا الشمالية ضد الشركات الكبرى.

في عصر أصبحت فيه التكنولوجيا عماد البنية التحتية، لم تعد الحروب تعتمد فقط على الدبابات والطائرات. “ستوكسنت” لم يكن مجرد فيروس، بل كان بداية لعصر جديد من الحروب، حيث قد يكون السلاح الأخطر هو كود برمجي مصمم بعناية فائقة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button