صادق مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا بين مكونات المشهد السياسي. وعلى الرغم من حصول القانون على الأغلبية المطلوبة، إلا أن الجدل حول مضامينه لم يتوقف، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد يرى فيه ضرورة لتنظيم الإضراب وضمان استمرارية المرافق الحيوية، ومعارض يعتبره تضييقًا على حقوق العمال وإضعافًا لقدرتهم على الدفاع عن مصالحهم.
في جلسة امتدت لساعات طويلة، حاول وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، أن يبرر رفض الحكومة لعدد من التعديلات التي تقدمت بها المعارضة. وأوضح أن تقليص مهلة الإخطار قبل الإضراب من شهر إلى عشرة أيام في بعض الحالات يعكس مرونة الحكومة واستجابتها لتطلعات العمال. ومع ذلك، رفضت المعارضة هذا التبرير، معتبرة أن المشروع يخدم مصالح أرباب العمل أكثر مما يدافع عن حقوق الشغيلة، خاصة فيما يتعلق بمنع الإضراب الفردي وفرض غرامات مالية مرتفعة.
ورغم محاولات الحكومة تقديم تعديلات جديدة، مثل إدراج حد أدنى من الخدمة في المرافق الحيوية، إلا أن ذلك لم يخفف من حدة الانتقادات. فقد عبّر نواب المعارضة عن خشيتهم من أن يصبح الإضراب مجرد إجراء شكلي، مع تعقيدات قانونية تفرغه من محتواه النضالي. واستشهدوا بحالات قد يُجبر فيها العمال على الانتظار سنة كاملة قبل أن يُسمح لهم بخوض إضراب جديد، مما يعطي المشغّلين فرصة أكبر للتملص من التزاماتهم.
من جهة أخرى، بدا أن الحكومة تحاول الموازنة بين حماية حرية العمل وضمان السلم الاجتماعي. وقد أشار الوزير إلى أن المشروع يستهدف الحد من استقدام عمال جدد أو متدربين لتعويض المضربين، وهو إجراء اعتبرته الحكومة خطوة لحماية حقوق العمال. لكن المعارضة ردّت بأن هذا الإجراء يبقى غير كافٍ في ظل غياب آليات قوية لردع أرباب العمل عن استغلال القانون لصالحهم.
وبينما انتقدت بعض الأصوات الغرامات المالية المرتفعة، التي اعتبرتها عائقًا إضافيًا أمام ممارسة الإضراب، دافع الوزير عن هذه الغرامات، مشيرًا إلى أنها بديل للعقوبات الحبسية التي تم تجنبها في هذا القانون. ومع ذلك، أكدت المعارضة أن القانون الجديد يمنح المشغّلين هامشًا واسعًا للتأويل، ما قد يفتح الباب أمام استغلال العمال وتهميش حقوقهم.