أخبارالرئيسيةحوار

مهدي عامري..الوضع في المغرب يبعث على القلق بشأن الذكاء الاصطناعي

قال الدكتور مهدي عامري، وهو باحث متخصص في الذكاء الاصطناعي، وأستاذ التعليم العالي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال “أن الوضع في المغرب ” يبعث على القلق ويثير العديد من التساؤلات بشأن قدرة البلاد على التنافس عالميا في مجال لذكاء الاصطناعي.

ويرى الدكتور مهدي عامري في تصريح لـ “الصحراء المغربية” ننشره كاملا، إلى أن المغرب لا يزال بعيدًا عن مستوى الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. “فرغم وجود بعض المبادرات الحكومية والخاصة، إلا أن حجم الاستثمار في هذا القطاع يظل محدودًا مقارنة بما يتم في الدول الأخرى.

 فعلى سبيل المثال، الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة والصين وألمانيا تخصص ميزانيات ضخمة لتطوير البحث العلمي والبنية التحتية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، بينما نجد أن المغرب يعتمد بشكل كبير على مبادرات فردية وعلى الاستثمارات المحدودة.

إضافة إلى ذلك، يعاني المغرب من نقص حاد في الكفاءات البشرية المؤهلة للعمل في هذا القطاع. فالجامعات والمعاهد المغربية لا تزال تفتقر إلى برامج متخصصة بشكل كافٍ لتخريج أجيال قادرة على قيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. ويؤكد الدكتور عامري أن هناك فجوة كبيرة بين احتياجات السوق وقدرات الكفاءات المحلية، مما يجعل البلاد تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا المستوردة بدلاً من تطويرها داخليًا.

من أبرز الإشكالات التي أشار إليها الدكتور عامري هو غياب رؤية استراتيجية متكاملة لتطوير الذكاء الاصطناعي في المغرب. فرغم وجود خطط وبرامج حكومية هنا وهناك، إلا أنها تفتقر إلى التنسيق والانسجام. ويوضح أن الدول التي تحتل الصدارة في هذا المجال تعتمد على استراتيجيات وطنية واضحة تستند إلى أهداف طويلة المدى وتحدد أولويات البحث والتطوير.

أما في المغرب، فتبدو الجهود مشتتة وغير قادرة على تحقيق التأثير المطلوب.
على سبيل المثال، يشير الدكتور عامري إلى عدم وجود شراكات قوية بين الجامعات والقطاع الخاص لتطوير حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي تخدم الاقتصاد المحلي. وبدون هذا التعاون، يصبح من الصعب تحويل البحث الأكاديمي إلى تطبيقات عملية تساهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.

من بين النقاط الأخرى التي تسلط الضوء على الوضع المقلق في المغرب هي ضعف التمويل المخصص للبحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي. يوضح الدكتور عامري أن الميزانية المخصصة للبحث العلمي بشكل عام لا تتجاوز 0.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة متدنية جدا مقارنة بالدول المتقدمة. وهذا يعكس عدم إدراك حقيقي لأهمية البحث العلمي كقاطرة للتنمية. علاوة على ذلك، يشير إلى أنه من الصعب على الشركات الناشئة أن تزدهر في مجال يعتمد بشكل كبير على الابتكار والتطوير المستمر.

ويضيف أن غياب الحوافز الضريبية والتشريعات الداعمة للمشاريع المبتكرة يحد بشكل كبير من قدرة البلاد على استقطاب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال.

عند الحديث عن المستقبل، يعبر الدكتور عامري عن مخاوفه العميقة بشأن قدرة المغرب على تحقيق مكانة مرموقة ضمن الدول العشرين الأولى في مجال الذكاء الاصطناعي. ويقول إن هذا الهدف يتطلب تحولاً جذريًا على عدة مستويات: من إصلاح النظام التعليمي، إلى زيادة الاستثمار في البحث العلمي، إلى خلق بيئة اقتصادية محفزة للابتكار.

كما يؤكد أن المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي ليست مجرد سباق بين الدول، بل هي معركة من أجل البقاء في عالم أصبح فيه التفوق التكنولوجي هو المحدد الأساسي للقوة الاقتصادية والسياسية. ومع ذلك، يرى الدكتور عامري أن المغرب لا يزال بعيدًا جدًا عن تحقيق هذا التفوق، وأن الطريق نحو ذلك مليء بالتحديات.

في ختام حديثه، قدم الدكتور عامري مجموعة من التوصيات الكفيلة بجعل المغرب ضمن ضمن قائمة الدول الرائدة في الذكاء الاصطناعي:
زيادة الاستثمار في البحث العلمي: يجب على الحكومة رفع نسبة الإنفاق على البحث العلمي لتتجاوز على الأقل 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مع تخصيص جزء كبير منها للذكاء الاصطناعي.

إصلاح النظام التعليمي: إدخال الذكاء الاصطناعي كمادة أساسية في المناهج الدراسية وتطوير برامج تعليمية متخصصة على مستوى الجامعات والمعاهد.

تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص: خلق آليات لتسهيل التعاون بين الجامعات والشركات بهدف تطوير حلول مبتكرة تستجيب لحاجيات السوق.
تحفيز الابتكار: توفير حوافز ضريبية ودعم مالي للشركات الناشئة التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.

تبني استراتيجية وطنية شاملة:وضع رؤية واضحة وطويلة المدى تشمل جميع القطاعات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي وتحدد أولويات وأهداف قابلة للقياس.
و يرى الدكتور مهدي عامري أن تحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب جهودًا هائلة وتحولاً جذريًا في النهج الذي يتبعه المغرب حاليًا. 

وذكرت المنظمة، في التقرير، أنه بدرجة إجمالية بلغت 41.78 نقطة، يحتل المغرب مرتبة بعيدة عن الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة (87.03 نقطة) وسنغافورة (84.25 نقطة)، وأيضًا خلف عدة دول إفريقية.

ويرتكز هذا التصنيف على ثلاثة محاور رئيسية: الحكامة، التكنولوجيا، والبيانات والبنية التحتية. ورغم أن المغرب سجل أداءً أفضل نسبيًا في محور البيانات والبنية التحتية (53.82 نقطة)، إلا أنه حقق نتائج ضعيفة للغاية في محور الحكامة (34.82 نقطة) والتكنولوجيا (36.70 نقطة). ما يعكس “تأخرا ملحوظا في إنشاء أطر مؤسسية قوية وفي التطور التكنولوجي”.

ونشر تقرير Oxford Insights رسما بيانيا يوضح الأداء غير المتوازن للمغرب عبر مختلف الأبعاد. فعلى سبيل المثال، سجلت توفر البيانات 51.28 نقطة، بينما لا تزال عناصر أساسية مثل القدرة على التكيف والنضج منخفضة.

 تسلط هذه الفجوة في الأداء الضوء على الثغرات الهيكلية، لكنها تشير أيضا إلى الفرص التي يمكن للمغرب استغلالها.

إلى جانب الأرقام، يبرز التقرير نقصًا في الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والموارد البشرية، وهما عنصران أساسيان لتحويل الذكاء الاصطناعي إلى محرك للتنمية.

المصدر: الصحراء المغربية

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button