صرخة الشعب الجزائري.. بين غليان الداخل وعزلة الخارج
تشهد الجزائر حالة من الغليان الشعبي في ظل تصاعد حملة “ماناش راضيين”، التي تعبر عن استياء المواطنين من الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية. تتجلى هذه الحملة كصدى لأصوات الشعب التي تطالب بتغيير جذري للنظام العسكري الذي أحكم قبضته على البلاد لعقود، بينما يعيش المواطنون في ظروف قاسية تتسم بالجوع والفقر وغياب العدالة الاجتماعية.
المواطن الجزائري الذي كان له دور حاسم في إسقاط العهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عام 2019، يجد نفسه اليوم في مواجهة نفس السياسات، رغم تغير الوجوه. الفساد الإداري واستغلال الثروات الوطنية في مشاريع خارجية، مثل دعم الحركات الانفصالية، أضرت بشكل مباشر بالحياة اليومية للمواطن البسيط. كما أن انتشار البطالة وتدهور قيمة الدينار الجزائري زادا من حدة الأزمات، مما جعل الناس يفقدون الثقة في الحكومة الحالية.
في السياق ذاته، يشعر الجزائريون بالإهانة بسبب السمعة السيئة التي باتت تلاحقهم على الصعيد الدولي، حيث ترتبط بلادهم بمظاهر الفساد والانحلال الاجتماعي. هذا الإحساس بالغضب ينعكس في شعارات حملة “ماناش راضيين”، التي تتجاوز المطالب الاقتصادية لتصل إلى مطالب سياسية، أهمها إنهاء هيمنة الجيش على السلطة وإقامة دولة مدنية تحترم إرادة الشعب.
النظام العسكري، الذي يركز جهوده على سياسات خارجية جدلية، يواجه اليوم تحديات داخلية متزايدة. تصاعد الطوابير للحصول على المواد الأساسية، وانتشار الفقر والأمراض، يضع البلاد على حافة أزمة إنسانية. كما أن تدهور العلاقات الدبلوماسية مع العديد من الدول يزيد من عزلة الجزائر، مما يفاقم الوضع السياسي والاقتصادي.
الشعب الجزائري، رغم الضغوط المتزايدة، يظهر إصرارًا كبيرًا على المطالبة بحقوقه. الأصوات التي ارتفعت في حراك 2019 ما زالت حية، والتحدي الأكبر للنظام هو مواجهة هذا الإصرار المتزايد في وقت تبدو فيه الخيارات محدودة أمامه.
الجزائر اليوم تقف على مفترق طرق، حيث يتساءل الكثيرون عما إذا كانت هذه الاحتجاجات بداية لمرحلة جديدة من التغيير، أم مجرد موجة غضب ستخبو مثل سابقاتها. لكن الأكيد أن صوت الشعب لا يمكن إسكاته بسهولة، وأن إرادة التغيير ما زالت حية رغم كل الصعوبات.