أخبارالرئيسيةتقارير وملفات

تعويضات عن”هيبة الدولة”..سابقة قانونية أم انحراف عن العدالة؟

أثارت قضية مطالبة الدولة المغربية بتعويض قدره 540 ألف درهم (54 مليون سنتيم) من 27 طالبا من طلبة كليات الطب والصيدلة جدلا واسعا في الأوساط القانونية والحقوقية. وجاء هذا الطلب بناء على ادعاء “تضرر هيبة الدولة” جراء أفعال منسوبة إلى الطلبة أثناء احتجاجاتهم.

تفاصيل القضية
خلال جلسة المحكمة الابتدائية بالرباط يوم الأربعاء 8 ديسمبر، قدمت الدولة المغربية مذكرة تطالب فيها بتعويض مدني عن “ضرر معنوي” أصاب هيبتها،ممثلة برئيس الحكومة ووزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني والوكالة القضائية. ورأى النقيب عبد الرحيم الجامعي أن هذه المطالبة “تحمل دلالات سياسية” وتمثل “سابقة خطيرة” في علاقة الدولة بمواطنيها، معتبرا أن الدولة تجاوزت حدود توجيه التهم الجنائية إلى تقديم مطالب مدنية لا تستند إلى أساس قانوني واضح.

انتقاد مفهوم “هيبة الدولة”

في مقاله عن القضية، أشار الجامعي إلى أن استخدام الدولة لعبارة “هيبتها” في المذكرة المقدمة للمحكمة يحمل طابعا سياسيا أكثر من كونه قانونيا . وأوضح أن “الهيبة” في القاموس اللغوي ترتبط بمعاني مثل الخوف والخشوع،مما يجعل المطالبة بها أمرا غامضا وغير قابل للقياس من الناحية القانونية.

كما تساءل الجامعي عن سبب عدم تعريف الدولة لهويتها بشكل واضح في المذكرة،مكتفية بذكر “الدولة” دون الإشارة إلى “الدولة المغربية”، مما يعكس برأيه غموضا وتهربا من المسؤولية.

تعارض المصالح بين الأطراف الممثلة للدولة

انتقد الجامعي إشراك جهات متعددة في الدعوى،مثل وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني، واعتبر أن الادعاء بوجود ضرر موحد لهذه الأطراف في “هيبتها” يظهر سوء فهم لمساطر التقاضي. وأكد أن المصالح بين هذه الأطراف ليست موحدة، مشيرا إلى أن الطلبة لم يقوموا بأفعال مادية مباشرة تمس بهذه المؤسسات.

المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية

استند الجامعي إلى الفقرة الأخيرة من المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية، التي تتيح للدولة المطالبة بتعويضات عن المبالغ المدفوعة لموظفيها أو ذوي حقوقهم نتيجة جرائم أرتكبت ضدهم. وأوضح أن طلب تعويض معنوي عن “ضرر الهيبة” يتجاوز هذا النص، مما يمثل “فهما منحرفا للمسطرة القانونية”، على حد تعبيره.

البعد السياسي للقضية

اعتبر الجامعي أن هذه المحاكمة ليست مجرد قضية جنائية،بل هي محاكمة للحق في التعبير والتظاهر السلمي،وهو ما يشكل انحرافا عن مبادئ دولة القانون وروح دستور 2011 الذي يقوم على سيادة القانون والعدالة.

انتقاد الدفاع والقضاء

وجه النقيب نقدا لاذعا إلى المحامين الذين دافعوا عن الدولة، معتبرا أن المذكرة التي قدموها تضمنت “زلات مسطرية” وأخطاء فادحة.كما أعرب عن أسفه لكون أحد المحامين،وهو قاض سابق، لم يظهر كفاءة كافية في مجال المحاماة، مما أثار تساؤلات حول قدرة القضاء على الفصل في قضايا حساسة كهذه.

دعا النقيب الجامعي الدولة إلى التحلي بمزيد من الحكمة وعدم تسييس القضاء، مشددا على أن مثل هذه المحاكمات قد تضعف الثقة في استقلالية القضاء.كما طالب بإعادة النظر في مفهوم “هيبة الدولة” في السياقات القانونية لضمان تحقيق العدالة بعيدا عن الضغوط السياسية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button