أخبارالرئيسيةتقارير وملفات

مشروع قانون مدونة الأسرة: تحديات الإصلاح وتوازنات المرجعية والاجتهاد

تعيش الساحة السياسية والقانونية في المغرب تطورا جديدا بشأن مشروع قانون مدونة الأسرة،الذي أثار اهتماما واسعا كونه يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق التوازن بين المرجعية الدينية ومتطلبات الاجتهاد لمواكبة التحولات الاجتماعية.

تقدم في إعداد المسودة

بحسب ما أفادت به مصادر خاصة لصحيفة العلم،فقد انتقلت الحكومة إلى مرحلة متقدمة في إعداد مسودة مشروع قانون مدونة الأسرة،متضمنة التعديلات المقترحة التي جاءت كثمرة لمشاورات مستفيضة قادتها لجنة خاصة كلفت بهذا الملف.وشملت هذه المشاورات جهات متعددة،بما في ذلك المجلس العلمي الأعلى، الذي أبدى رأيه في القضايا المطروحة انطلاقا من مبادئ الشريعة الإسلامية والاحتياجات المجتمعية.

وفي هذا السياق،شكلت الحكومة لجنة خاصة لصياغة النسخة الأولية للتعديلات المقترحة. تضم اللجنة ممثلين عن وزارات معنية،مثل وزارة العدل ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة والأمانة العامة للحكومة، بالإضافة إلى ممثلين عن السلطة القضائية.ويتوقع أن يكون عمل هذه اللجنة شاقا نظرا لحساسية القضايا المطروحة وأهمية وضع نصوص قانونية دقيقة تلبي التطلعات المجتمعية.

التحديات الأساسية

تتطلب القواعد العامة المعلنة حتى الآن تدقيقا واضحا فيما يخص الشروط والظروف الخاصة بكل حالة. ويشمل ذلك قضايا مثيرة للجدل، مثل التعديلات المتعلقة بالولاية على الزواج وزواج القاصرات،وحقوق الحضانة،وتقسيم المسؤوليات الأسرية.وقد أثارت بعض ردود الفعل انتقادات ناتجة عن سوء فهم أو مغالطات حول ما يمكن أن تحمله التعديلات.

الإطار الزمني لإنجاز المشروع

لم يتم تحديد موعد نهائي لعمل اللجنة،لكن من المتوقع أن يتم الانتهاء من صياغة مشروع القانون خلال الدورة النيابية الربيعية،على أن يعرض المشروع على البرلمان في نهاية هذه الدورة إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها.

إلغاء اجتماع لجنة العدل والتشريع

في سياق متصل،أعلنت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب سابقا عن اجتماع لمناقشة إصلاح مدونة الأسرة بحضور وزير العدل.إلا أن الاجتماع تم إلغاؤه بناء على طلب من الحكومة. ويرى مراقبون أن هذا الإلغاء يعكس حاجة الحكومة إلى مزيد من الوقت لمعالجة الإشكاليات المطروحة، وصياغة تعديلات دقيقة تستجيب للتطلعات،خصوصا أن العديد من القضايا لا تزال قيد النقاش ولم يتم الحسم فيها بشكل نهائي.

التوازن بين المرجعية الدينية والاجتهاد

من أبرز ما يميز هذا المشروع هو النهج الحكيم الذي اتبعه الملك محمد السادس،حيث تجنب ممارسة سلطته التحكيمية في القضايا الخلافية،مفضلا إفساح المجال للنقاش والمشاورات. ويأتي هذا النهج ليعكس أهمية تحقيق توافق بين المرجعية الدينية التي تشكل جزءا لا يتجزأ من هوية المجتمع المغربي،وبين الاجتهاد الذي يراعي التحولات الاجتماعية ويعزز حقوق الأفراد.

الآفاق المستقبلية

رغم التحديات الكبيرة التي تواجه هذا الإصلاح،يظل مشروع قانون مدونة الأسرة فرصة لتعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التوازن بين الأطر القانونية والواقع المجتمعي.ويعول المراقبون على قدرة الحكومة والجهات المعنية على صياغة نصوص تعكس الروح الدستورية القائمة على المساواة وسيادة القانون،مع احترام الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمع المغربي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button