أخبارالرئيسيةتقارير وملفات

رقمنة الدفع في المغرب خطوة نحو تحقيق العدالة الضريبية

شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا كبيرا في حجم تداول النقود النقدية،الذي تجاوز 400 مليار درهم العام الماضي،ما يعادل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي.هذا الحجم الكبير لتداول الكاش يثير مخاوف حول تحقيق العدالة الضريبية،حيث يسهم في تيسير التهرب الضريبي،خاصة بين العاملين في الاقتصاد غير الرسمي وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

على الرغم من أن الضرائب تقتطع مباشرة من أجور الموظفين في القطاعين العام والخاص،إلا أن أصحاب الأنشطة غير الرسمية يظلون خارج نطاق المراقبة الفعالية،مما يخلق تفاوتا في العدالة الجبائية بين الفئات المختلفة.من هنا،أصبح تقليل تداول الكاش وتوسيع رقعة استخدام وسائل الدفع الرقمي أحد الحلول الواعدة لتحقيق الشفافية المالية وضمان مساهمة عادلة في تمويل السياسات العامة.

دور رقمنة الدفع في تحقيق العدالة الضريبية

تشير الدراسات إلى أن رقمنة المعاملات المالية تمثل أداة فعالة لتحقيق العدالة الضريبية، إذ تتيح للسلطات إمكانية تتبع الدخل والإنفاق بسهولة،ما يقلل من فرص التهرب الضريبي.المحلل الاقتصادي أمين سامي أكد أن الرقمنة يمكن أن تقلل من العمليات النقدية المخفية وتسهم في توسيع قاعدة دافعي الضرائب.كما أن تسجيل المعاملات الرقمية في قواعد بيانات مركزية يساعد في مراقبة الإيرادات بشكل أكثر دقة،ويضمن انخراط العاملين في الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الضريبية.

تحفيز المعاملات الرقمية: حلول مبتكرة

وفقا للمحلل الاقتصادي، هناك حاجة ملحة لتبني سياسات تهدف إلى تحفيز المعاملات الرقمية. من أبرز هذه الحلول:
• تعزيز منظومة الدفع عبر الهواتف المحمولة:
مع الانتشار الكبير للهواتف الذكية في المغرب،يمكن استغلال هذه التكنولوجيا لإنشاء تطبيقات دفع بسيطة وآمنة،مما يسهل المعاملات اليومية،سواء بين الأفراد أو بين الشركات الصغيرة.
• إنشاء محفظة رقمية وطنية:
يمكن تصميم محفظة رقمية مغربية تتيح للمواطنين دفع الفواتير، الضرائب،والتحويلات باستخدام تقنيات حديثة مثل الـQR Code،ما يضمن سهولة الاستخدام وشمولية أكبر.
• رقمنة القطاع العام:
رقمنة المعاملات داخل المؤسسات الحكومية والمرافق العمومية يمكن أن تحدث فرقا كبيرا . الدفع الإلكتروني الإجباري للإجراءات الإدارية،مثل الضرائب والرسوم، سيعزز من الشفافية ويقلل من التعامل النقدي.
• دمج الاقتصاد غير الرسمي:
لتشجيع العاملين في الاقتصاد غير الرسمي على الاندماج في النظام الرسمي،يمكن تقديم حوافز مالية وضريبية، مثل بطاقة ذكية مخصصة للأعمال الصغيرة تقدم تخفيضات ضريبية مقابل استخدام وسائل الدفع الرقمي.

تعزيز البنية التحتية والشمول المالي

لتحقيق التحول الرقمي على نطاق واسع،يجب تعزيز البنية التحتية الرقمية، خصوصا في المناطق القروية والنائية.تحسين سرعة الإنترنت وتوسيع نطاق التغطية يعدان خطوات أساسية،ويمكن تحقيق ذلك من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير خدمات إنترنت بأسعار منخفضة.

كما أن توفير حلول مالية تناسب مختلف الفئات،مثل الحسابات المصرفية التشاركية بدون رسوم، سيُشجع المواطنين على استخدام النظام الرقمي بدلا من الكاش.

التشريعات والتثقيف المالي

إلى جانب تعزيز البنية التحتية، لابد من وضع تشريعات تحفز التحول الرقمي،مثل فرض حدود على المبالغ النقدية في المعاملات التجارية، وتشجيع الدفع الرقمي في قطاعات مثل السيارات والعقارات.

في هذا السياق، تبرز أهمية حملات التوعية لشرح فوائد الدفع الرقمي وزيادة ثقة المواطنين في النظام المالي الرقمي. يمكن أن تركز هذه الحملات على حماية البيانات وخصوصية الأفراد،مع إبراز قصص نجاح لأفراد وشركات صغيرة استفادت من التحول الرقمي.

تقليل تداول الكاش ورقمنة الدفع في المغرب يمثلان خطوة حيوية نحو تحقيق العدالة الضريبية وتعزيز الشفافية المالية.ورغم التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والثقافة المالية، فإن تنفيذ سياسات متكاملة تجمع بين التحفيز – التوعية والتشريعات يمكن أن يُسهمغ في تحسين الإيرادات الضريبية وضمان عدالة أكبر بين المواطنين. هذا التحول الرقمي لن يعزز فقط الشمول المالي، بل سيضع المغرب على مسار أكثر استدامة اقتصاديا واجتماعيا .

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button