في خطابٍ جريء بعيد عن لغة الخشب والرمادية، أطلق نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال تحذيرات قوية بشأن التحديات التي تواجه المغرب،خاصة فيما يتعلق بوضع الطبقة المتوسطة ومستقبل الشباب.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها يوم السبت 11 يناير 2025 بمدينة الدار البيضاء،بمناسبة الذكرى 81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، والتي شكلت محطة بارزة في تاريخ النضال الوطني من أجل الحرية والسيادة.
شجاعة النقد ومواجهة الواقع
تميز خطاب نزار بركة بصراحته وابتعاده عن التكتيكات السياسية المعتادة.استخدم معجما لغويا واضحا ومباشرا ،بعيدا عن التلميحات أو المواربة،ليضع النقاط على الحروف بشأن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغرب. حمل الخطاب في طياته نقدا ذاتيا شجاعا، يعكس الروح الاستقلالية التي لطالما ارتبطت بالصدق والجرأة في مواجهة الأزمات الوطنية.
قراءة للواقع ولتاريخ النضال
ربط بركة في خطابه بين الماضي والحاضر، مستحضرا نضالات الأجيال السابقة من أجل الاستقلال والسيادة، ومقارنا ذلك بالوضع الراهن الذي يعاني فيه الشباب من البطالة واليأس، والطبقة المتوسطة من التآكل والانهيار.
الطبقة المتوسطة تنهار
تطرق بركة إلى التدهور الكبير الذي تعيشه الطبقة المتوسطة في المغرب، التي لطالما كانت ركيزة الاستقرار الاجتماعي والمحرك الرئيسي للاقتصاد.
وأشار إلى أنها “تم سحقها” نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة، والتفاوت الاجتماعي المتزايد،والركود الاقتصادي.كما شدد على أهمية استعادة مكانة هذه الطبقة كعامل توازن واستقرار في المجتمع المغربي.
الشباب واليأس المتنامي
كشف بركة عن ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب إلى أرقام قياسية، وصلت إلى 39.5%، مما يعكس حجم الأزمة التي تواجه الأجيال الصاعدة.
وأشار إلى أن هذا الواقع يدفع بالشباب إلى فقدان الأمل في المستقبل، ويزيد من مخاطر التهميش والانحراف، مما يستدعي التدخل العاجل لإعادة بناء الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة.
التناقض بين الخطاب الحكومي والواقع
انتقد بركة بشكل لاذع ما وصفه بتناقض الحكومة في ترويجها لتحسن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، في وقت يعاني فيه المواطنون من تدهور في ظروفهم المعيشية. وأكد أن تحسين الأرقام لا يكفي إذا لم تنعكس إيجابيا على حياة المواطنين اليومية.
مواجهة التحديات المستقبلية
أكد بركة على ضرورة مواكبة الشباب للتحولات العالمية، خصوصا في ظل التقدم التكنولوجي السريع والعولمة. ودعا إلى الاستثمار في التعليم والتكوين المهني لتأهيل الشباب لسوق العمل الجديد،الذي يشهد تطورات كبيرة مثل الذكاء الاصطناعي والرقمنة،ما يهدد العديد من الوظائف التقليدية.
الدعوة إلى عقد اجتماعي جديد
دعا بركة إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يضع الشباب في قلب السياسات العمومية، ويضمن لهم فرصا متكافئة للمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية.وأكد أن تمكين الشباب ليس خيارا، بل ضرورة لتحقيق التنمية والاستقرار.
إحياء روح الاستقلال
في ختام خطابه،استحضر بركة روح الكفاح الوطني التي جسدتها وثيقة المطالبة بالاستقلال،ودعا إلى استلهام تلك الروح لبناء مغرب جديد يقوم على التضامن الاجتماعي،والعدالة الاقتصادية وتمكين الشباب. وأكد أن الشباب،الذين لعبوا دورا حاسما في تحقيق استقلال المغرب،يجب أن يكونوا اليوم القوة الدافعة للتغيير والتنمية.
تصحيح المسار قبل فوات الأوان
بخطاب حاسم ونقد ذاتي مسؤول، أطلق نزار بركة رسالة واضحة للحكومة والمجتمع: الحاجة إلى التعامل بجدية مع الأزمات التي تهدد استقرار البلاد،وخاصة وضع الشباب والطبقة المتوسطة.دعا إلى سياسات أكثر جرأة وفعالية لتحسين الظروف المعيشية وإعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة.
خطاب نزار بركة يمثل دعوة صريحة للتفكير في مستقبل المغرب بعيون صادقة ومسؤولة.من خلال تسليط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه المجتمع المغربي،أكد بركة أن مواجهة هذه الأزمات تتطلب شجاعة سياسية ورؤية شاملة تضع المواطن في صلب السياسات العمومية.فهل ستكون هذه الدعوة بداية لتحول حقيقي في المشهد السياسي والاجتماعي المغربي؟