اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا بأن تشديد شروط إصدار التأشيرات خلال السنوات الماضية أثر سلبا على صورة فرنسا في الخارج، وأضر بعلاقاتها مع العديد من الدول، خاصة تلك التي تعتبر شريكة رئيسية.
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر السنوي للسفراء، حيث أقر بأن السياسات المتبعة لم تحقق النتائج المرجوة، بل ساهمت في فرض عقوبات غير مباشرة على الطلاب ورجال الأعمال والباحثين الأجانب.
التأثيرات السلبية لتشديد سياسات التأشيرات
ماكرون أوضح أن هذه السياسات لم تؤثر فقط على العلاقات الثنائية بين فرنسا والدول المتضررة، لكنها شجعت أيضا المنافسة من دول أخرى مثل ألمانيا وسويسرا وكندا، التي تبسط إجراءات التأشيرة لجذب المواهب الدولية.
وأشار إلى أن هذه المنافسة وضعت فرنسا في موقف صعب يتطلب مراجعة عاجلة لسياساتها.
وأكد الرئيس أن الحكومة ستبدأ تدريجيا في إصلاح نظام التأشيرات، بهدف تعزيز الجاذبية الدولية لفرنسا واستعادة مكانتها كوجهة رئيسية للطلاب والباحثين ورجال الأعمال.
تقرير هيرميلين: حقائق مقلقة
كشف تقرير أعده بول هيرميلين، رئيس شركة “كاب جيميني”، عن تفاصيل دقيقة حول نظام التأشيرات الفرنسي لصالح الحكومة.التقرير الذي أثار اهتماما إعلاميا واسعا في فرنسا،أوضح النقاط التالية:
طول مدة الانتظار
بلغ متوسط الانتظار للحصول على موعد تأشيرة 10 أسابيع،مما يزيد من تعقيد الإجراءات للمتقدمين. مع ارتفاع نسبة الرفض الذي وصل معدل طلبات التأشيرة إلى 17% في عام 2023 مقارنة بـ10.7% في عام 2010.
تقليص الكوادر القنصلية وانخفاض عدد الموظفين القنصليين من 340 إلى 300 موظف،مما زاد الضغط على النظام الحالي.
و كذا مشكلات تقنية ،تضمنت الأعطال الرقمية المتكررة، التي أجبرت المتقدمين على تقديم نفس المستندات عدة مرات،ما أدى إلى شعور بالإحباط وعدم الكفاءة.
السوق السوداء للمواعيد
انتشر بيع المواعيد من قبل وسطاء بأسعار مرتفعة، مما أثار انتقادات حول شفافية النظام.
التوصيات المقترحة للإصلاح
قدم تقرير هيرميلين سلسلة من التوصيات لمعالجة هذه المشكلات، شملت:
•تسريع إصدار التأشيرات: منح الأولوية للطلاب-الباحثين ورواد الأعمال،لتسهيل وصولهم إلى فرنسا.
•تطوير النظام الإلكتروني: تحسين البنية التحتية الرقمية- تأمين الأنظمة وضمان توفير مواعيد كافية للمتقدمين.
•تعزيز الشفافية: توفير أسباب واضحة في حالة رفض الطلبات وتوحيد الإجراءات بين القنصليات المختلفة.
•التنسيق الأوروبي: دعم إطلاق تأشيرة شنغن الإلكترونية بحلول عام 2026 لتسهيل عملية إصدار التأشيرات على المستوى الأوروبي.
•الرقابة على الشركات المتعاقدة: تعزيز الإشراف على الشركات الخاصة التي تدير طلبات التأشيرات خارج فرنسا.
ماكرون يعد بالإصلاح التدريجي
في ختام كلمته،شدد ماكرون على أن فرنسا لن تدخر جهدا في إصلاح هذه السياسات،مشيرا إلى أن عام 2024 سيشهد تطبيق تغييرات تدريجية لتحسين نظام التأشيرات.وأكد أن بلاده ملتزمة بأن تكون وجهة أكثر ترحيبا وجاذبية،خاصة في ظل التحديات العالمية المتزايدة التي تتطلب تعزيز التعاون الدولي والانفتاح.
انعكاسات الإصلاحات المرتقبة
يتوقع أن تعيد هذه الإصلاحات فرنسا إلى موقعها الريادي كوجهة مفضلة للطلاب والمواهب العالمية.كما قد تساهم في تحسين علاقاتها مع الدول الشريكة وتعزيز صورتها كدولة داعمة للتعاون والابتكار.
لكن،مع هذه الوعود يظل السؤال قائما: هل ستتمكن فرنسا من تنفيذ هذه الإصلاحات بفعالية،خاصة في ظل التحديات الإدارية والبيروقراطية؟