في خطوة أثارت جدلا واسعا على الصعيد الدولي،أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توقيعه أمرا رسميا يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية (WHO). جاء هذا القرار بعد اتهامات وجهها ترامب للمنظمة بالتقصير في التعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID-19) وتحيزها للصين في إدارة الأزمة الصحية العالمية.
تصريحات ترامب ودوافع القرار
قال ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض بعد توقيع القرار: “منظمة الصحة العالمية تخدعنا، الجميع يخدعون الولايات المتحدة، ولن يحدث هذا بعد الآن.”
وأضاف أن الولايات المتحدة كانت تعامل بشكل غير عادل داخل المنظمة،متهما إياها بالتبعية للصين وعدم الشفافية في الاستجابة للجائحة. وأكد ترامب أن هذا القرار يعكس سياسة إدارته التي تركز على وضع “أمريكا أولا” في كل القرارات.
الولايات المتحدة: المانح الأكبر لمنظمة الصحة العالمية
تشكل الولايات المتحدة الداعم المالي الأكبر لمنظمة الصحة العالمية وفقا لتقارير المنظمة،قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 1.284 مليار دولار خلال الفترة 2022-2023،وهو ما يمثل حوالي 22% من ميزانيتها الإجمالية.
توزعت هذه المساهمات بين تمويل البرامج الصحية العالمية، مثل مكافحة الأمراض المعدية،تحسين أنظمة الرعاية الصحية ودعم البرامج الطارئة،مما يجعل انسحابها ضربة قاسية للمنظمة.
ردود الفعل الدولية على قرار الانسحاب
لاقى قرار ترامب انتقادات واسعة من العديد من الدول،حيث اعتبرت أنه يضعف التعاون الدولي في مواجهة التحديات الصحية العالمية.كما أعربت بعض الشخصيات البارزة في القطاع الصحي عن قلقها من تأثير هذا الانسحاب على جهود مكافحة الجائحة العالمية والأوبئة المستقبلية.
في المقابل،رأى مؤيدو القرار أنه يعكس ضرورة إعادة تقييم مشاركة الولايات المتحدة في المنظمات الدولية التي قد تعتبر منحازة أو غير فعالة في تحقيق أهدافها المعلنة.
خلفيات النزاع بين ترامب ومنظمة الصحة العالمية
تعود توترات ترامب مع منظمة الصحة العالمية إلى بدايات جائحة كورونا،حيث اتهم المنظمة بالفشل في تحذير العالم بشكل مبكر من خطورة الفيروس والانحياز للصين من خلال الإشادة بإجراءاتها المبكرة.
كما انتقد ترامب استجابة المنظمة البطيئة وتأخرها في إعلان حالة الطوارئ الصحية الدولية،مما ساهم بحسب رأيه في تفاقم انتشار الفيروس عالميا .
تداعيات الانسحاب على الصحة العالمية
انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة يطرح العديد من الأسئلة حول تداعياته على الصحة العالمية، ومنها: تمويل البرامج الصحية الذي يمثل انسحاب أكبر داعم مالي تحديا كبيرا لاستمرار بعض البرامج الحيوية التي تعتمد على التمويل الأمريكي.
البحث والتطوير : سيؤثر الانسحاب على الجهود المشتركة في تطوير اللقاحات-الأدوية والمعدات الطبية، حيث كانت الولايات المتحدة شريكا رئيسيا في هذه المجالات.
الاستجابة للأزمات: يضعف الانسحاب قدرة العالم على الاستجابة للتحديات الصحية المستقبلية،بما في ذلك الأوبئة والكوارث الصحية.
البدائل المحتملة للتعاون الدولي
مع انسحاب الولايات المتحدة،بدأ الحديث عن تعزيز دور دول أخرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي في تمويل ودعم برامج منظمة الصحة العالمية.كما يمكن أن يظهر التنسيق بين الدول الأعضاء في المنظمة لتعويض النقص المالي الناتج عن القرار الأمريكي.
مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والمنظمة
رغم إعلان الانسحاب،فإن القرار يمكن أن يراجع في ظل إدارات أمريكية لاحقة وهو ما حدث بالفعل مع إدارة الرئيس جو بايدن،التي أعادت الولايات المتحدة إلى المنظمة في وقت لاحق.
يشكل انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية نقطة تحول في العلاقات الدولية الصحية،ويبرز أهمية التعاون العالمي لمواجهة التحديات المشتركة.ومع استمرار جائحة كورونا وتأثيراتها،تبقى الحاجة ملحة لتعزيز الشراكات الدولية وضمان قدرة المنظمة على أداء مهامها بكفاءة وشفافية.