لغز “الصندوق الاخضر”وهديةالعدالة والتنمية لرئيس الحكومة

في مشهد غير مألوف تحت قبة البرلمان المغربي، شهد رئيس الحكومة عزيز أخنوش لحظة استثنائية لم تكن متوقعة من معارضة يفترض أنها تقف على الضفة الأخرى من سياساته.
فبينما تلاحقه انتقادات حادة من بعض أحزاب الأغلبية، اختار حزب العدالة والتنمية، أحد أبرز مكونات المعارضة أن يفاجئه بهدية رمزية أمام أنظار البرلمانيين والصحافيين.
هدية غامضة ورسائل متعددة
التقطت عدسات الإعلام لحظة تسلم رئيس الحكومة لصندوق أخضر، مما أثار فضول المتابعين بشأن محتواه. تساؤلات عديدة طرحت : هل هي هدية بروتوكولية؟ هل تحمل وثائق ذات بعد سياسي؟ هل تتضمن رسائل مشفرة؟ وبينما سادت التكهنات، برز تفسيران متناقضان للمشهد السياسي الذي يعيشه المغرب اليوم:
–سياسة بالمقلوب: حيث أصبحت المعارضة تهادن الحكومة، بينما تشن الأغلبية هجمات وانتقادات حادة ضدها، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى وضوح مواقف الأحزاب في المشهد السياسي الحالي.
-مشهد سريالي: فقد أصبح الواقع السياسي أقرب إلى الخيال، حيث يغيب المنطق وتتداخل الأدوار، وكأننا أمام لوحة تجريدية تعكس تضاريس المشهد الحزبي المغربي.
حين يواجه المواطن “عمى الألوان السياسية”
مع استمرار هذه المفارقات، يجد المواطن نفسه أمام حالة من “عمى الألوان السياسية ”،حيث تتشابه التصريحات وتذوب الفروقات بين الأبيض والأسود، حتى يصبح من الصعب تمييز الحقيقة من التضليل. فالحكومة التي تتحدث عن إنجازات كبرى تواجهها تقارير رسمية تتحدث عن بطالة متزايدة، وأزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.
محتوى الهدية: الحقيقة تنكشف
أنهى النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية،عبد الصمد حيكر كل التكهنات بالإعلان أن الصندوق الأخضر يحتوي على مراسيم وقوانين ورثتها الحكومة الحالية من سابقتها، وتتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية وهو المشروع الذي دأبت حكومة أخنوش على الترويج له، وكأنه إنجاز حصري لها. لكن المفارقة أن رئيس الحكومة نفسه أنكر أكثر من مرة وجود أي مراسيم سابقة تخص هذا الورش،زاعما أن حكومته بدأت المشروع من الصفر.
هل يرد رئيس الحكومة الهدية؟
هذه الهدية تطرح سؤالا جوهريا : هل سيرد عزيز أخنوش على هذه “المفاجأة” باعتراف واضح بإنجازات الحكومة السابقة؟ أم أنه سيستمر في تجاهل الحقائق؟ فالمواطن المغربي ينتظر إجابة، لكنه ربما سيترك في حالة “عمى الألوان السياسية”،حيث يطلب منه تصديق أن الأسود أبيض، وأن الإنجازات الحقيقية يمكن أن تعاد صياغتها تحت مسمى جديد.
من البرلمان إلى أكادير: السياسة ذاتها
المفارقات لم تتوقف عند قبة البرلمان، بل امتدت إلى مدينة أكادير، حيث يرأس عزيز أخنوش المجلس الجماعي. وكما في الحكومة،هناك أيضا محاولات لإعادة تسويق مشاريع مبرمجة سابقا على أنها إنجازات حصرية للمجلس الحالي.
على غرار مشروع التغطية الاجتماعية، يحاول مجلس أخنوش نسب مشاريع التأهيل الحضري 2020-2024 إلى نفسه،رغم أن المجلس السابق هو الذي وقع عليها أمام أنظار جلالة الملك.
وإذا كانت المعارضة البرلمانية قد قدمت هدية لتذكير أخنوش بالمراسيم السابقة،فربما يجدر بمعارضة المجلس الجماعي لأكادير أن تحذو الحذو نفسه، وتذكر الرئيس بأن الإنجازات لها تواريخ موثقة لا يمكن إعادة كتابتها حسب الأهواء.
هل يعترف رئيس الحكومة؟
يبقى السؤال المطروح: هل يمتلك عزيز أخنوش الشجاعة السياسية للاعتراف بأن بعض الإنجازات التي يدعيها هي في الأصل تراكمات سابقة؟ أم أن المواطن المغربي سيظل في دائرة إعادة إنتاج الحقائق وفقا لمنطق “أنا وحدي مضوي البلاد”؟