عودة ترامب إلى البيت الأبيض: هل يكون الحسم النهائي لمغربية الصحراء؟

مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتجه الأنظار إلى مستقبل العلاقات المغربية-الأمريكية، التي من المتوقع أن تشهد دفعة قوية في اتجاه تعزيز المصالح المشتركة بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
فترة إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن اتسمت بنوع من “البرود الهادئ” في التعامل مع هذا الملف رغم عدم التراجع عن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء الذي أقرته إدارة ترامب في ولايته الأولى.لكن الآن ومع محيط ترامب المكون من مستشارين ووزراء معروفين بدعمهم القوي للمغرب،تتزايد المؤشرات على أن ولايته الثانية ستكون محطة مفصلية في طي هذا الملف نهائيا.
فتح القنصلية الأمريكية بالداخلة: خطوة حاسمة لإنهاء النزاع
يعد فتح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة أحد أهم أولويات المغرب في المرحلة المقبلة،حيث ينتظر أن تفعل الإدارة الأمريكية الجديدة قرار الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء،عبر اتخاذ خطوات عملية أبرزها افتتاح القنصلية.
هذا المسار لم يبدأ اليوم،بل تعود جذوره إلى ديسمبر 2020،عندما وقع الرئيس ترامب مرسوما رئاسيا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء،أعقبته زيارة تاريخية للسفير الأمريكي آنذاك، دافيد فيشر إلى مدينة الداخلة حيث أعلن رسميا انطلاق إجراءات فتح القنصلية الأمريكية هناك.
وقال السفير فيشر خلال زيارته:
“إن زيارتنا اليوم لمدينة الداخلة تعتبر حدثا تاريخيا يميز الصداقة بين المملكة المغربية والولايات المتحدة والتي تمتد على مدى مائتي سنة.إنه لشرف عظيم أن أكون أول سفير أمريكي يزور الصحراء المغربية والشروع في تأسيس تواجد دبلوماسي أمريكي في المنطقة.”
هذه الخطوة لم تكن مجرد إعلان دبلوماسي،بل جاءت في سياق رؤية أمريكية لدعم التنمية الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية للمغرب،وتعزيز الاستثمارات والشراكات الاستراتيجية بين البلدين،مما جعل افتتاح القنصلية جزءا من خطة أوسع لتعزيز الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.
ماركو روبيو.. رأس الحربة في دعم المغرب
مع تعيين السيناتور الجمهوري ماركو روبيو وزيرا للخارجية في إدارة ترامب الثانية،تتزايد التوقعات بأن هذا الملف سيشهد تطورات سريعة وحاسمة.يعرف روبيو بمواقفه الصارمة ضد النظام الجزائري ودعمه القوي للمغرب وهو ما يعزز فرضية الدفع نحو:
سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار بالأمم المتحدة،باعتبار أن النزاع لا يحمل أي مقومات لتصنيفه ضمن قضايا تصفية الاستعمار،بل هو قضية وحدة ترابية لدولة ذات سيادة.
تصنيف جبهة البوليساريو كحركة إرهابية،في ظل التقارير الاستخباراتية الدولية التي تربطها بتنظيمات متطرفة في منطقة الساحل والصحراء.
الضغط على الجزائر لإجبارها على الانخراط في حل سياسي واقعي، يقوم على مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب،كحل وحيد قابل للتطبيق.
مؤشرات قوية على تسريع تنفيذ القرار
مكالمة وزير الخارجية الأمريكي الجديد،ماركو روبيو مع نظيره المغربي ناصر بوريطة،خلال الأسبوع الأول من تسلمه منصبه،حملت رسائل واضحة حول نية الإدارة الأمريكية المضي قدما في تنفيذ المرسوم الرئاسي الصادر عن ترامب في ولايته الأولى،عبر إجراءات عملية على الأرض.
في مقدمة هذه الإجراءات افتتاح القنصلية الأمريكية في الداخلة، التي ستكون بمثابة بوابة دبلوماسية واقتصادية للولايات المتحدة نحو القارة الإفريقية،وتعكس اعترافا أمريكيا راسخابسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
هل تكون ولاية ترامب الثانية نهاية الحلم التوسعي للجزائر؟
على مدى عقود، سعت الجزائر إلى توظيف النزاع حول الصحراء كورقة سياسية في المنطقة،بدعم جبهة البوليساريو وعرقلة أي حل سياسي جاد.لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن هذه الاستراتيجية أصبحت غير قابلة للاستمرار، خاصة مع التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، واعتراف قوى دولية وازنة بمغربية الصحراء.
إذا مضت إدارة ترامب قدما في تنفيذ وعودها،فإن ذلك سيشكل ضربة قاصمة للمشروع التوسعي للنظام الجزائري،الذي يعاني أصلا من أزمة داخلية خانقة سياسية واقتصادية. كما أن الاعتراف الأمريكي قد يفتح المجال أمام دول أوروبية أخرى لاتخاذ مواقف مماثلة،مما يضعف موقف الجزائر أكثر في المحافل الدولية.
مرحلة حاسمة في مسار النزاع
الرئيسية
كل المؤشرات توحي بأن ولاية ترامب الثانية ستكون محطة مفصلية في إنهاء النزاع حول الصحراء المغربية، عبر خطوات عملية تبدأ بفتح القنصلية الأمريكية في الداخلة،ولا تنتهي عند الضغط على الجزائر للقبول بحل الحكم الذاتي.
في ظل هذه المتغيرات، تبقى الكرة في ملعب الدبلوماسية المغربية لتعزيز مكتسباتها،واستثمار الدعم الأمريكي في حسم هذا الملف نهائيا ليصبح جزءا من الماضي،ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.