
بقلم/ زهبر أصدور
السياسة ليست مجرد بيانات وتصريحات رسمية، بل هي أيضًا إشارات وإيحاءات يمكن قراءتها في تعابير الوجوه، لغة الجسد، وحتى المسافات الفاصلة بين القادة أثناء اللقاءات الدبلوماسية. الصور التي وثقت لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تحمل الكثير من الدلالات، وقد تكون أبلغ من أي تصريح رسمي يصدر بعد الاجتماع.
تكشف الصور عن لحظات من الجدية والتوتر، حيث يظهر الملك عبد الله الثاني بملامح صارمة ونظرات حادة، فيما يبدو ترامب متحدثًا لكنه يواجه نظرات غير ودية من العاهل الأردني. المسافة الفاصلة بين الرجلين، وإن كانت تقليدية في اللقاءات الدبلوماسية، تعكس برودًا في الأجواء، ما يشير إلى أن النقاش لم يكن سلسًا أو وديًا كما قد يُراد تصويره في البيانات الرسمية.
يأتي هذا اللقاء في وقت حساس تمر به المنطقة، حيث تتزايد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لفرض حلول أحادية الجانب في القضية الفلسطينية، ومن أبرزها المقترحات المتعلقة بتهجير سكان غزة نحو دول مجاورة، بما فيها الأردن. هذا السيناريو، الذي يرفضه الأردن رسميًا وشعبيًا، ربما كان أحد محاور النقاش المتوتر بين الزعيمين.
لطالما كان الموقف الأردني ثابتًا في رفض أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه، وهو ما أكده الملك عبد الله الثاني مرارًا في المحافل الدولية. لكن مع تصاعد الضغوط من قبل إدارة ترامب وحلفائها الإقليميين، يبدو أن المملكة تجد نفسها أمام تحدٍ جديد، يستلزم التمسك بثوابتها الوطنية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
السياسة الأمريكية في المنطقة كانت دائمًا قائمة على المصالح وليس على المبادئ، وإدارة ترامب ليست استثناءً، بل ربما تكون الأكثر وضوحًا في هذا النهج. الرسائل غير المعلنة في هذا اللقاء قد تكون تتعلق بإصرار الإدارة الأمريكية على فرض أجندتها، مقابل محاولة الأردن التمسك بموقفه، وسط ضغوط اقتصادية وسياسية متزايدة.
إذا كانت التصريحات الرسمية تحاول أحيانًا تلطيف الأجواء أو التغطية على الخلافات، فإن لغة الجسد تكشف الكثير. اللقاء بين ترامب والملك عبد الله الثاني يعكس مواجهة سياسية، حيث بدا العاهل الأردني مصممًا على موقفه، فيما حاول ترامب، بأسلوبه المعتاد، الضغط لانتزاع تنازلات.
المشهد لا يحتاج إلى كثير من التفسير: في السياسة، كما في الحياة، يمكن لملامح الوجه وطريقة الجلوس وحتى نظرات العيون أن تكون أقوى من أي بيان رسمي.