الميوعة في البرامج والمسلسلات الرمضانية… عندما يفسد المؤثرون الساحة الفنية المغربية

يعتبر شهر رمضان موسمًا ذهبيًا للأعمال التلفزيونية، حيث تتسابق القنوات لعرض أفضل الإنتاجات الدرامية والبرامج الترفيهية التي تجذب المشاهدين. غير أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا واضحًا في جودة المحتوى، مع هيمنة الميوعة والسطحية على العديد من الأعمال الرمضانية، مما أثار استياء الجمهور وأعاد الجدل حول مستقبل الفن المغربي.
– المؤثرون بين الشهرة والموهبة المفقودة
في ظل الطفرة الرقمية وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل على بعض “المؤثرين” اقتحام المجال الفني دون تكوين أكاديمي أو موهبة حقيقية، مستغلين شهرتهم الرقمية للوصول إلى الشاشة. والمثير للجدل أن العديد من هؤلاء أصبحوا أبطالًا لمسلسلات وبرامج، في وقت يعاني فيه الفنانون الحقيقيون من التهميش.
هذه الظاهرة، التي أصبحت واقعًا مفروضًا، تسببت في تراجع مستوى الأعمال الرمضانية، حيث طغت الأداءات الباهتة والتمثيل المصطنع على الإنتاجات التلفزيونية، مما أفقدها قيمتها الفنية ورسالتها الإبداعية.
– برامج بلا محتوى ومسلسلات بلا هوية
إلى جانب غزو المؤثرين لعالم التمثيل، تعاني البرامج الرمضانية من التفاهة والميوعة، إذ أصبحت تركز على الإثارة المصطنعة والمواقف الهزلية السطحية بدل تقديم محتوى هادف. فبدلًا من إنتاج أعمال ذات جودة تعكس قيم المجتمع المغربي وتعزز ثقافته، يتم تقديم برامج تسعى فقط لجذب المشاهدات بغض النظر عن قيمتها الفنية.
أما المسلسلات، فقد باتت تعتمد على سيناريوهات مكررة وضعيفة، يغلب عليها التهريج والتصنع، مما جعلها أقرب إلى عروض على “التيك توك” منها إلى أعمال درامية محترمة. ويزيد من تأزيم الوضع انخراط بعض القنوات في تسويق الرداءة، من خلال منح الفرص للمؤثرين على حساب الممثلين الأكفاء.
– الفن بين الاحترافية والشعبوية
يرى البعض أن فتح المجال أمام المؤثرين قد يجذب جمهورًا جديدًا، لكن في المقابل، يعتبر كثيرون أن هذه الموجة تهدد مستقبل الدراما المغربية. فالفن مهنة تحتاج إلى موهبة وصقل مستمر، ولا يمكن لأي شخص أن يصبح ممثلًا لمجرد أنه يحظى بمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
الفنان رشيد الوالي، على سبيل المثال، كان من أبرز المنتقدين لهذا التوجه، مؤكدًا أن دخول المؤثرين إلى عالم التمثيل يفسد الميدان الفني، بينما يرى الممثل رفيق بوبكر أن المجال الفني مفتوح للجميع، شرط أن يتمكن الوافدون الجدد من إثبات موهبتهم.
– إلى أين تتجه الدراما المغربية؟
في ظل هذا الواقع، يظل السؤال المطروح: هل ستستمر هذه الفوضى التي تشهدها الساحة الفنية المغربية، أم أن هناك أملًا في تصحيح المسار؟ إن إنقاذ الفن المغربي يتطلب وقفة جادة من قبل المنتجين والمخرجين، الذين يجب أن يضعوا الجودة فوق الربح السريع، وأن يمنحوا الأولوية للمواهب الحقيقية بدلًا من تقديم أعمال لا تحمل أي قيمة فنية أو فكرية.
الفن رسالة ومسؤولية، وليس مجرد وسيلة لجذب المشاهدات. وإذا لم يتم تدارك الوضع، فقد نجد أنفسنا أمام جيل كامل لا يعرف من التمثيل سوى ما يقدمه “نجوم” مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى انحدار الذوق العام وفقدان الهوية الفنية المغربية.