بلاد”عمي تبون”.. عندما تتحول القهوة إلى قضية وطنية!

في بلاد العجائب، حيث يمكن لاسم مقهى أن يشعل جدلًا وطنياً، وجد الجزائريون أنفسهم أمام معضلة وجودية: هل يجوز تسمية مقهى باسم الرئيس؟ أم أن في ذلك مساسًا بالأمن القومي للقهوة؟
في عنابة، استيقظت السلطات المحلية ذات صباح على كارثة لم تكن في الحسبان، فقد قرر أحد المواطنين المارقين، الخارجين عن النص التقليدي لتسمية المقاهي، أن يطلق على محله اسم “عمي تبون”. وهنا، لم يبقَ للسلطات سوى التدخل الحاسم، لأن هذه السابقة قد تؤدي إلى انزلاق خطير: ماذا لو قرر أحدهم لاحقًا فتح مطعم باسم “خالتي بن قرينة” أو متجر ملابس باسم “ولد عمي شنقريحة”؟ لا بد من وضع حد لهذا الفلتان قبل أن تتحول الجزائر إلى متحف مفتوح للأسماء السياسية!
صاحب المقهى المسكين لم يكن يعلم أنه بقراره هذا سيدخل في صدام مباشر مع قوانين الفيزياء السياسية، فأُجبر على تغيير الاسم إلى “عمي الربعي”، ربما تجنبًا لتحويل المقهى إلى ساحة حرب إعلامية، أو خوفًا من أن يُتهم بزعزعة استقرار فناجين الإسبريسو.
لكن، بعيدًا عن السياسة، لماذا هذه الحساسية تجاه الأسماء؟ ألم يحن الوقت لترك الناس يسمون محلاتهم كما يشاؤون؟ في النهاية، لن يغيّر اسم المقهى أسعار القهوة، ولن يجعل الكابتشينو ألذ! أم أن المشكلة الحقيقية هي أن البعض يخشى أن يصبح “عمي تبون” اسمًا تجاريًا أكثر شعبية من الاسم السياسي نفسه؟
الطريف في الأمر أن الجزائريين انقسموا حول القضية، وكأن البلد لا ينقصه سوى معركة أسماء المقاهي، فبين مؤيد يرى في الأمر حرية إبداعية، ومعارض يراه انتهاكًا صارخًا للدستور غير المكتوب للمقاهي، تبقى الحقيقة الوحيدة المؤكدة: القهوة لا تهتم بكل هذا، فهي تُشرب بصمت، دون أن تسأل عن اسم المقهى الذي وُلدت فيه!