غلوريا نوانياغا.. قصة تحدي الوصم وتحقيق الذات

في عالم غالبًا ما يطغى فيه الوصم على القوة، ظهرت غلوريا نوانياغا كصوت للصمود، مُثبتةً أن الشجاعة يمكن أن تعيد كتابة أي قصة. فقد وُلدت ونشأت في أوغندا، حيث يعيش أكثر من 860 ألف امرأة مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، قصة غلوريا ليست مجرد قصة بقاء، بل هي شهادة على قوة الأمل والدعوة وتقبل الذات.
وفي سن الحادية عشرة فقط، اتخذت حياة غلوريا منعطفًا كان يمكن أن يسكتها. إذ اكتشفت أنها مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وهو واقع هدد بحصرها في حياة من السرية والخوف. ولكن بدلاً من السماح للوصم بتحديدها، أعادت تعريف المحادثة.
واليوم، بصفتها محامية عالمية لحقوق الإنسان، ومدافعة عن اليونيسيف، ومؤسسة مؤسسة الشباب الإيجابي العالمي، كرست حياتها لتفكيك المفاهيم الخاطئة حول فيروس نقص المناعة البشرية وتمكين الشباب من امتلاك قصصهم.
ولم تكن رحلتها إلى قبول الذات خالية من العقبات، فقد واجهت الهمسات والأحكام والرفض. إذ أصبح ثقل الوصم لا يطاق لأول مرة خلال سنوات دراستها.
كما انتشرت شائعات حول وضعها كالنار في الهشيم، وعزلتها عن الأصدقاء وزملاء الدراسة. ومع ذلك، رفضت غلوريا الانكماش، ففي عام 2017، سيطرت على قصتها، ودخلت وفازت بمسابقة ملكة جمال Y+، وهي منصة مخصصة لتمكين الشباب المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية. وكانت هذه اللحظة أكثر من مجرد تاج، بل كانت إعلانًا بأنها لن تصمت بعد الآن.
ومن خلال مؤسستها، قادت مبادرات مثل “قابل نوعك”، لخلق مساحات آمنة حيث يمكن للشباب المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية التواصل والعثور على الحب وبناء علاقات خالية من التمييز.
إنها تتفهم بشكل مباشر تحديات المواعدة مع فيروس نقص المناعة البشرية، وكسر القلب، والتحيز، والرفض، ولكنها تعلم أيضًا أن الحب، في أنقى صوره، يتجاوز الخوف. وبينما تستعد للسير في الممر، تقف كدليل على أن الحب والقبول ممكنان، حتى في عالم مليء بالتحيز.
وفي هذا اليوم العالمي للمرأة، الذي يتم الاحتفال به تحت شعار “إلهام الشمول”، رسالة غلوريا للنساء هي رسالة قيمة الذات التي لا تتزعزع. “نحن قويات. نحن قيمات. نحن عمود المجتمع الفقري”، كما تؤكد. “إذا لم نكن هنا، لن يتكاثر العالم. لذلك، يجب أن نسير بمعرفة أننا نستحق كل شيء جيد في هذا العالم.”
ترن كلماتها بصوت أعلى في عالم لا تزال فيه المساواة بين الجنسين والقيود المجتمعية تعيق المرأة. غلوريا مؤمنة راسخة بأنه لا ينبغي لأي حاجز، سواء كان جنسًا أو وضعًا صحيًا أو توقعات مجتمعية، أن يملي مصير المرء. إذ تمتد دعوتها إلى ما هو أبعد من التوعية بفيروس نقص المناعة البشرية؛ فهي بطلة للشمولية، وتسعى جاهدة من أجل عالم لا تُترك فيه أي امرأة في الخلف.
قصة غلوريا هي منارة أمل لأولئك الذين يواجهون معاركهم، سواء كانت صحة أو شكًا في الذات أو رفضًا مجتمعيًا. “فيروس نقص المناعة البشرية لا يحددنا. التحديات لا تحددنا”، كما تقول. “لا يزال بإمكاننا أن نحلم، ولا يزال بإمكاننا أن نحقق، ولا يزال بإمكاننا أن نعيش بجرأة.”
رحلتها بعيدة عن نهايتها، ولكن هناك شيء واحد مؤكد: غلوريا نوانياغا لا تنجو فحسب، بل تزدهر، وتقود المسيرة من أجل مستقبل لا تشعر فيه أي امرأة بأنها غير مرئية، حيث لا يكون الإدماج مجرد موضوع، بل أسلوب حياة.
africanews:المصدر