غير مصنف

رحلة إلى حيث تنبض روحي

بقلم: الاستاذ مولاي الحسن بنسيدي علي

الليل طويل حين تشتعل ناره بالشوق، والساعة تمضي متثاقلة كأنها تقرأ في عينيّ انتظاري. هناك في البعيد، تنتظرني أرواحٌ زرعت في قلبي الدفء، وأنا هنا أتوق شوقًا إليهم، أعد اللحظات كطفل يترقب فجر العيد. سأبيت ليلي بعينين مفتوحتين، أرقب بياض الصبح، أنتظر النداء الأول لصلاة الفجر، وكأن التكبيرات ستعلن بدء رحلتي إلى الفرح.
مع أول خيوط النور، سأحمل حقيبتي، ليس بها سوى قلبي المتلهف وأجنحة الشوق التي ستطير بي إلى حيث تسكن روحي. سأعانق الفضاء الرحب، وأترك نبضي يقودني إلى من أحب، إلى الضحكات التي تحفظني، والأصوات التي تهدهد غربتي، إلى الأيدي الصغيرة التي أجد فيها عمري الحقيقي.
هناك، سأكون طفلًا كما كنت، سأبحث عن مخبأ في لعبة الغميضة، وأقفز بحماسة في سباق الحبل، سأعدو معهم وأضحك حتى تأخذني اللحظة بعيدًا عن الزمن. أما حفيدي، فله موعد معي على بساط الجيدو، سأحمله فوق كتفي، لا لأريه العالم من الأعلى، بل لأقول له إنني هنا، وإنني ما زلت بطلًا في نظره.
أما ملاك، القطة الصغيرة، فستكون لي ندًّا في جولات الشطرنج، وكلي يقين أنها ستباغتني بحركة لم أحسب لها حسابًا، بينما ريحانة القلب ستشدني إلى أجمل الأماكن، ستحملني حيث الحكايات التي لم أعشها، وسألبّي دعوتها لفنجان من الكابوتشينو، مشروبها المفضل، لأحتسي معه ذكريات تُكتب لأول مرة.
ثم تأتي هي… أميرة الفرح، ذات السنوات الثلاث، بضَحكتها التي تسرق التعب، وكلماتها المتعثرة التي ترسم على وجهي دهشة الحب، سألاحق خطواتها الصغيرة، أركض معها كأنني في سباق لا ينتهي، فقط لأطيل متعة اللحظة.
فمتى يطلع الصباح؟ متى تصدح السماء بنداء السفر؟ طالت السويعات وأنا ما زلت صاحيًا، أرقب الليل ينزاح ببطء، أعد الدقائق، أتهيأ لأن أطير… إلى حيث تنبض روحي!

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button