أخبارالناس و الحياةثقافة و فنحضاراتقصص و شخصيات

الرابع من رمضان : بيعة الإمام ادريس الأكبر وميلاد الدولة الإسلامية المغربية

بدخول المولى إدريس إلى أرض المغرب وباستقباله واستقراره ثم بيعته، سجل التاريخ المغربي منعطفا جديدا وولدت الدولة المغربية المستقلة عن المشرق الإسلامي استقلالا حقيقيا و أبدعت في السياسة والثقافة والحضارة والدعوة.

جاء في كتاب الدرر السنية في أخبار السلالة الإدريسية لمؤلفه محمد بن علي السنوسي الإدريسي أن المولى إدريس الأول عندما كان في طريقه إلى بلاد المغرب الأقصى مر بتلمسان، وتوقف بطنجة التي كان من الممكن أن يجعل منها مقرا له، ربما لموقعها الجغرافي أو لغير ذلك، لكن شاءت إرادة الله – ولإرادة الله ما تشاء – أن يصل إلى زرهون التي كان سلطانا عليها عبد الحميد بن مصعب الأوربي، وكانت الخلافة له على البربر، غير أن هذا الأخير تنازل عن الحكم للمولى إدريس الأول، وعقد له البيعة، وتولى مهمة وزير في العهد الإدريسي الأول، وتزوج مولانا إدريس ابنة وزيره عبد الحميد كنزة الأوربية التي حملت منه بخلفه الأصغر المولى إدريس الثاني. 

ويعلق المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه الأشهر: “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى” على هذا الحدث العظيم فيقول: “لما اسْتَقر إِدْرِيس بن عبد الله بِمَدِينَة وليلى عِنْد كبيرها إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن عبد الحميد الأوربي أَقَامَ عِنْده سِتَّة أشهر فَلَمَّا دخل شهر رَمَضَان من السّنة جمع ابْن عبد الحميد عشيرته من أوربة وعرفهم بِنسَب إِدْرِيس وقرابته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقرر لَهُم فَضله وَدينه وَعلمه واجتماع خِصَال الْخَيْر فِيهِ فَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أكرمنا بِهِ وشرفنا بجواره وَهُوَ سيدنَا وَنحن العبيد فَمَا تُرِيدُ منا قَالَ تبايعونه قَالُوا مَا منا من يتَوَقَّف عَن بيعَته فَبَايعُوهُ بِمَدِينَة وليلى يَوْم الْجُمُعَة رَابِع رَمَضَان الْمُعظم سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة.

وَكَانَ أول من بَايعه قَبيلَة أوربة على السّمع وَالطَّاعَة وَالْقِيَام بأَمْره والاقتداء بِهِ فِي صلواتهم وغزواتهم وَسَائِر أحكامهم، وَكَانَت أوربة يَوْمئِذٍ من أعظم قبائل البربر بالمغرب الْأَقْصَى وأكثرها عددا وتلتها فِي نصْرَة إِدْرِيس وَالْقِيَام بأَمْره مغيلة وصدينة وهما مَعًا من ولد تامزيت بن ضرى.

وَلما بُويِعَ إِدْرِيس رحمه الله خطب النَّاس فَقَالَ بعد حمد الله وَالصَّلَاة على نبيه صلى الله عليه وسلم أَيهَا النَّاس لَا تَمُدَّن الْأَعْنَاق إِلَى غَيرنَا فَإِن الَّذِي تجدونه من الْحق عندنَا لَا تجدونه عِنْد غَيرنَا.

ثمَّ بعد ذَلِك وفدت عَلَيْهِ قبائل زناتة والبربر مثل زواغة وزواوة وسدراتة وغياثة ومكناسة وغمارة وكافة البربر بالمغرب الْأَقْصَى فَبَايعُوهُ أَيْضا ودخلوا فِي طَاعَته فاستتب أمره وَتمكن سُلْطَانه وقويت شوكته، وَلحق بِهِ من اخوته سُلَيْمَان بن عبد الله وَنزل بِأَرْض زتاتة من تلمسان ونواحيها”.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button