أخبارالحكومة

المال العام بين رقابة الدولة ودور المجتمع المدني

تعيش الساحة السياسية في المغرب على وقع نقاش حاد أثاره وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بعد تصريحاته الأخيرة التي وجهت انتقادات لاذعة لجمعيات حماية المال العام، واعتبر فيها أن هذه الجمعيات “تسيء إلى الديمقراطية” عبر ما سماه “المزايدات” والمغالطات حول المال العام. هذه التصريحات فجرت جدلًا واسعًا حول حدود الأدوار بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في حماية المال العام ومحاربة الفساد.

● التصريحات التي فجرت الجدل

أكد وهبي خلال مناقشة المادة 7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية أن “المال العام ماشي سايب”، موضحًا أن الدولة هي المسؤولة عن إدارة الأموال المتحصلة من الجبايات، وتصرفها وفق أولويات تحددها المؤسسات المنتخبة وتحت رقابة البرلمان ولجان التفتيش. وأوضح أن الرقابة المالية من اختصاص البرلمان، وأن الجمعيات ليس لها سند قانوني يمنحها حق المطالبة بالحق المدني في قضايا الفساد المالي.

وأضاف وهبي بنبرة حادة أن “هذه الجمعيات تريد ممارسة سلطتين في آن واحد: سلطة الرقابة وسلطة التشريع”، مشيرًا إلى أن هذا النهج يهدد العملية الديمقراطية ويضع المنتخبين في مرمى الاتهامات المستمرة، وهو ما اعتبره مسيئًا للمؤسسات الدستورية.

● دور الجمعيات في محاربة الفساد

من جهة أخرى، ترى جمعيات حماية المال العام أن تصريحات الوزير تهدف إلى تحجيم دورها وتقليص مساحتها في مراقبة الشأن العام، معتبرة أن المجتمع المدني شريك أساسي في ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة. وتشدد هذه الجمعيات على أن مهمتها الأساسية هي الدفاع عن مصالح المواطنين وكشف الاختلالات التي قد تحدث في تدبير الأموال العمومية.

ويرى نشطاء المجتمع المدني أن تقييد حق الجمعيات في تنصيب نفسها كطرف مدني في قضايا الفساد، سيضعف جهود محاربة نهب المال العام ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب.

● بين الدولة والمجتمع المدني.. من يحمي المال العام؟

هذا الجدل يطرح تساؤلات جوهرية حول التوازن المطلوب بين أدوار الدولة والمجتمع المدني. فبينما تؤكد الدولة أن البرلمان هو الجهة الوحيدة المخولة لمراقبة المال العام، يعتبر المجتمع المدني أن الدور الرقابي لا يجب أن يقتصر على المؤسسات الرسمية، بل يجب أن يشمل الفاعلين المدنيين لتعزيز الشفافية والمساءلة.

إن هذا النقاش يسلط الضوء على الحاجة إلى تعزيز التعاون بين الدولة والمجتمع المدني، بدلًا من خلق صراع يعطل جهود محاربة الفساد. فالمال العام هو ملك لجميع المواطنين، وحمايته تتطلب تضافر الجهود لضمان حسن تدبيره وصرفه وفق معايير النزاهة والشفافية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button