الثاني والعشرون من رمضان: عندما تجدد حكم المغرب لمدينة تلمسان

في الثاني والعشرين من رمضان سنة 737هـ الموافق لـ 24 أبريل عام 1337م، وبحسب ما ذكره الحافظ التنسي في كتابه “نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان”، اقتحم الجيش المريني بقيادة السلطان أبو الحسن المريني، العاصمة الزيانية تلمسان، وتمكن من السيطرة عليها، بعد حصار دام ثماني سنوات ومعركة ضد حاكمها أبي تاشفين وثلاثة من أبنائه ووزيره موسى بن علي الغزي الذين انحازوا إلى باب القصر يقاتلون إلى أن قتلوا جميعا، فكان ذلك أول انتصار هام حققه بنو مرين بالمغرب الأوسط، وظهر أبو الحسن المريني بمظهر الملك القوي، وذاع صيته في الأفاق، وفي المقابل أفل نجم بني زيان الذين حكموا تلمسان ردحا من الزمن، وانتهى دورهم التاريخي الأول، بينما بدأت حقبة جديدة من حكم المرينيين لتلمسان لفترة جديدة دامت أزيد من ربع قرن، بعدما ظلت المدينة خاضعة للنفوذ المغربي طوال قرون في عهد الأدارسة والمرابطين والموحدين.
وبحسب المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان فإنه من 790 إلى 1554، أي لما يقرب من ثمانية قرون، مع فترة فاصلة في نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر، كانت تلمسان خاضعة للنفوذ المغربي. قبل الغزو التركي عام 1553 (أو 1555)، شهدت تلمسان أربع فترات مغربية: الفترة الإدريسية (790-931) والفترة المرابطية (1078-1143) والفترة الموحدية (1143-1236) ثم الفترة المرينية (1337-1358).
وتعني تلمسان، حسب المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم، عبارة بربرية هي “تلي ايمسان”، وتعني بالعربية الربيع الجاف، ومن أهم مآثرها مسجد وصومعة المنصورة اللذان أمر السلطان أبو يعقوب المريني عام 1303 ببنائهما خلال حصار قواته لمدينة تلمسان، وتشبه مئذنة المنصورة نظيراتها عند الموحديين، كما أن تصميمها يشبه مآذن في المغرب والأندلس، مثل مسجد الكتبية، وجامع حسان بالرباط، وجامع الخيرالدا بإشبيلية، وتشبه البوابة الرئيسية لمئذنة المنصورة، أبواب الوداية وباب الرواح بالرباط، وباب اكناوا بمراكش، وتخللت المئذنة التي يبلغ علوها 45 مترا، نوافذ للإضاءة، وبلغ عدد دورات سلالم المئذنة التاريخية 6 دورات بعرض 1.33 مترا.
وتوسّع المرينيون في أعمال البناء التي شملت القصور وسكنات كبار الموظفين، والأسواق والحمامات، وحصنوا مدينتهم الجديدة التي تُحاذي مدينة تلمسان، واليوم تبلغ مساحة المنصورة التاريخية 101 هكتار، وقد بلغ ارتفاع أسوار المدينة آنذلك 12 مترا، وعرض قاعدتها 1.50 متر، يتخلّلها 80 برجا للمراقبة العسكرية، إذ لا زالت بقايا الآثار تحيط بالمدخل الغربي والجنوبي لتلمسان.
المصادر
- الرحلة العلمية لعلماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى – رسالة دكتوراه للباحثة الجزائرية نعيمة بوكرديمي (موقع ارشيف).
- ويكيبيديا.
- مقال منشور للمؤرخ الفرنسي برنارد لوغان.
- أصوات مغاربية.