فضيحة: ابنة وزير أول سابق متورطة في اختلاس 11 مليار من أموال الدعم الفلاحي

رفضت سيدة أعمال بارزة، تعد من أثرى الشخصيات في البلاد، وابنة وزير أول سابق تولى المنصب خلال أربع ولايات في عهد الملك الحسن الثاني حتى عام 1993، المثول أمام القضاء في قضية اختلاس مالي ضخمة تتعلق بنهب المال العام والتزوير.
القضيةالتي تنظر أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس،تعتبر من أبرز ملفات الفساد المالي،حيث يتابع فيها 14 متهما في حالة سراح.
محاولة التهرب من المحاكمة
بحسب ما أوردته يومية الصباح في عددها الصادر يوم الأربعاء 26 مارس 2025،قامت المتهمة بتحرير وكالة لأحد العاملين لديها لينوب عنها في القضية،التي من المقرر عرضها على المحكمة يوم 8 أبريل المقبل. إلا أن هذا الإجراء مخالف للقانون،إذ يلزم المتهم في القضايا الجنحية بالحضور شخصيا أمام القضاء لمواجهة التهم المنسوبة إليه،مما يثير تساؤلات حول محاولتها التهرب من المحاكمة.
سابقة في التعالي على القانون
ليست هذه المرة الأولى التي تتجاهل فيها المعنية بالأمر استدعاءات الجهات المختصة، إذ سبق أن رفضت الامتثال لاستدعاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قبل عشر سنوات عند بدء التحقيقات في هذه القضية المثيرة للجدل. التحقيقات كشفت حينها عن عمليات اختلاس ضخمة شملت أموال الدعم الفلاحي الذي تقدمه الدولة للفلاحين، والتي بلغت قيمتها وفق تقرير الخبرة القضائية حوالي 11 مليار سنتيم.
أساليب الاختلاس والتزوير
تورط المتهمون في هذه القضية في تزوير الفواتير والتلاعب في اقتناء الجرارات والآليات الفلاحية المدعمة، مما أدى إلى تحويل الإعانات المالية المخصصة للفلاحين إلى حسابات الشركتين التابعتين لسيدة الأعمال.
وقد أكدت إحدى الشكاوى المقدمة من شركة متضررة تضم مستثمرين أجانب،أن الملف شهد العديد من الخروقات منذ بدايته،حيث طالب الممثل القانوني للشركة بضرورة حضور المتهمة،لكونها الممثلة القانونية للشركتين المتورطتين في الاختلاس والتزوير.
محاولة تحميل المسؤولية لأطراف أخرى
وفق المعلومات التي نشرتها اليومية، فإن المتهمة لجأت إلى تقديم وثائق مزورة،تضمنت سجلا تجاريا يحمل بيانات خاطئة حول الممثل القانوني للشركتين،بهدف توجيه التهمة إلى شخص آخر لا علاقة له بالقضية.هذا الأسلوب في تضليل العدالة دفع المتضررين إلى اللجوء إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية،للمطالبة بتطبيق القانون بشكل عادل وإحقاق الحق.
خسائر مالية وتواطؤ مسؤولين
تشير ملخصات الوقائع،المسجلة منذ ديسمبر 2016 لدى النيابة العامة بفاس،إلى أن مدير عام شركة متخصصة في استيراد الجرارات والآليات الفلاحية وشركاءه الأجانب تعرضوا لخسائر مالية كبيرة بسبب ممارسات غير قانونية تورط فيها مسؤولون ومستخدمون في بعض البنوك.
هؤلاء المسؤولون سهلوا عمليات تحويل الإعانات الفلاحية إلى حسابات الشركتين المتورطتين بدلا من المستفيدين الحقيقيين من الفلاحين.
بيع الجرارات الوهمية والتلاعب في الفواتير
كشفت التحقيقات أيضا عن أن عددا كبيرا من الآليات الفلاحية، بما فيها 60 جرارا على الأقل تم التلاعب في فواتيرها وبيعها عدة مرات رغم أنها كانت مدعمة بحوالي 9 ملايين سنتيم لكل جرار.ومع ذلك صرفت الإعانات المالية الخاصة بها للشركتين المتورطتين دون وجه حق.كما أظهرت الوثائق المزورة أن العديد من هذه الآليات تم بيعها بشكل صوري في أماكن غير مطابقة لنفوذ الشركة الضحية وشملت مدن تارودانت-أسفي-القنيطرة-الرباط-فاس-تاوريرت-تاونات-بركان والدار البيضاء.
جلسة أبريل الحاسمة
تعتبر جلسة 8 أبريل القادمة حاسمة في هذا الملف،حيث يعول المتضررون على القضاء لإنصافهم وكشف جميع المتورطين في هذه الفضيحة المالية. كما يترقب الرأي العام تطورات القضية،خاصة أن المتهمة ظلت طيلة السنوات الماضية تحاول الإفلات من العدالة رغم حجم التهم الموجهة إليها.
يعيد هذا الملف الجدل حول قضية الإفلات من العقاب في جرائم الأموال العامة، ويطرح تساؤلات حول مدى صرامة الدولة في محاربة الفساد، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصيات نافذة.فهل ستتمكن العدالة من فرض سيادة القانون على الجميع دون تمييز،أم أن النفوذ المالي والسياسي سيؤثر مجددا على مسار القضية؟