رئيس جنوب أفريقيا يرفض ادعاءات “إبادة البيض” التي رددها ماسك

رفض رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، المزاعم التي تفيد بأن البيض يتعرضون للاضطهاد في بلاده، واصفًا إياها بأنها “رواية زائفة تمامًا”. جاء ذلك ردًا على تصريحات متكررة للملياردير الأمريكي-الجنوب أفريقي إيلون ماسك، الذي اتهم الحكومة ذات الأغلبية السوداء في البلاد بالترويج لما أسماه “إبادة البيض”.

وفي رسالته الأسبوعية إلى الأمة، شدد رامافوزا على ضرورة “عدم السماح للأحداث الخارجية بتمزيق وحدتنا أو تأليبنا ضد بعضنا البعض”، مؤكدًا أنه يجب التصدي لهذه الرواية الزائفة، التي تروج لفكرة استهداف فئة عرقية معينة.

ورغم أن الرئيس لم يذكر أسماء محددة، فإن تصريحاته جاءت ردًا على ادعاءات سابقة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وشخصيات أخرى، والتي زعمت أن حكومة جنوب أفريقيا تستهدف الأقلية الأفريكانية عبر تشجيع الهجمات العنيفة على مزارعهم، وسن قوانين لمصادرة أراضيهم.

● ترامب يعاقب جنوب أفريقيا وماسك يشعل الجدل

كانت هذه الادعاءات محور أمر تنفيذي أصدره ترامب الشهر الماضي، يقضي بقطع التمويل عن جنوب أفريقيا كإجراء عقابي، مع منح الأفريكانers وضع اللاجئين في الولايات المتحدة.

وتصاعد الجدل عندما نشر ماسك، في تغريدة على منصة “إكس”، مقطع فيديو لمسيرة سياسية لحزب “المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية” اليساري المتطرف، حيث كان قادته يرددون أغنية مثيرة للجدل تحمل عبارة “اقتل البوير، اقتل المزارع”.

وكتب ماسك معلقًا: “قلة قليلة تدرك أن هناك حزبًا سياسيًا كبيرًا في جنوب أفريقيا يروج بنشاط لإبادة البيض”، ما أثار ردود فعل واسعة، شملت انتقادات من شخصيات سياسية أمريكية، مثل السيناتور ماركو روبيو، الذي وصف الأغنية بأنها “تحريض على العنف”، داعيًا حكومة جنوب أفريقيا إلى حماية الأقليات.

● الأغنية المثيرة للجدل بين القضاء والسياسة

يُذكر أن الأغنية تعود إلى عهد الفصل العنصري، حيث كانت تستخدم كدعوة لمقاومة النظام القمعي. وخضعت لتحديات قانونية متكررة، إذ قضت محكمة في 2011 باعتبارها خطاب كراهية، لكن في 2022 أُعيد تصنيفها على أنها “محمية ضمن حرية التعبير”، لعدم وجود دليل على تحريضها الفعلي على العنف، بحسب المحكمة.

من جانبها، دافعت قيادة حزب “المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية” عن الأغنية، قائلة إنها “تراث نضالي لا ينبغي تفسيره حرفيًا”، بل استخدمت أحيانًا بصيغة معدلة مثل “قبّل البوير” بدلاً من “اقتل البوير”.

● الحكومة تحاول احتواء الأزمة

سارعت حكومة جنوب أفريقيا إلى مواجهة ما وصفته بـ”التضليل الإعلامي” حول وضع البيض في البلاد، مؤكدة أن المزارعين البيض، رغم تعرضهم لحوادث عنف، ليسوا مستهدفين بشكل خاص، بل هم جزء من معدلات الجريمة المرتفعة التي تطال جميع فئات المجتمع.

وأشار تقرير رسمي إلى أن الشرطة سجلت حالة قتل واحدة فقط للمزارعين في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، بينما تزعم منظمات أفريكانية أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك، إذ سجلت ثماني حالات خلال الفترة ذاتها.

جدير بالذكر أن جنوب أفريقيا شهدت خلال هذه الفترة 6,953 جريمة قتل، وفقًا لإحصاءات الشرطة، ما يعكس ارتفاعًا مقلقًا في معدلات العنف.

مع استمرار تصاعد الجدل بين واشنطن وبريتوريا، تظل تداعيات هذا النزاع غير واضحة، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات الأمريكية وسعي إدارة ترامب إلى تبني سياسات شعبوية قد تؤثر على العلاقات الأمريكية-الجنوب أفريقية.