أخبارجهات المملكةمجتمع

أكادير تودع رئيس الطائفة اليهودية “سيمون ليفي” إلى مثواه الأخير

المغرب يفقد أحد كبار مواطنيه الذين قضوا حياتهم يدافعون عن مصالح البلاد والعباد، فقد توفي سيمون ليفي رئيس الطائفة اليهودية بأكادير ورجل الأعمال والمستشار البرلماني السابق، والعضو الجماعي الأسبق بجماعة أكادير الترابية عن سن يناهز 82 عاما، وقد ووري الثرى بالمقبرة اليهودية بحي إحشاش القديم باكادير.
و ذلك بحضور أبنائه ولفيف من أعضاء الطائفة اليهودية بسوس ومراكش والدار البيضاء والرباط، إلى جانب ثلة من أصدقاء الفقيد المغاربة بأكادير، في مراسيم أقيمت مساء الأحد فاتح ماي الجاري بالمقبرة ذاتها، وفي بيته ليلة اليوم نفسه، وذلك بعد مرض ألم به.

بدأت علاقة الراحل بأكادير وساكنتها، منذ تطوعه في عملية الإغاثة، خلال الزلزال الذي ضرب المدينة عام 1960، ونسجه لعلاقاته الإنسانية مع الساكنة، واستثماره في قطاع بيع مواد الكهرباء، وانتقاله من التجارة إلى السياسة، حينما حظي بثقة الاكاديريين، بحصوله على أصواتهم، التي منحته صفة مستشار جماعي بمجلس المدينة لولايتين متتابعتين 1992 و1997، ثم عضوا في مجلس المستشارين عام 1997، وشهرته بدفاعه المستميت عن مصالح المدينة وساكنتها، وبعمله الخيري وحبه للفقراء والعمل التطوعي.

وسجلت له ساكنة عاصمة أهل سوس مواقف نبيلة في مساعدته للفقراء، خاصة توزيعه لأزيد من ثلاثة آلاف أضحية كل عيد أضحى على فقراء الجهة. ومساعداته وتسهيلاته في مجال مواد الربط بالكهرباء، وربطه للمناطق التي يعيش سكانها تحت عتبة الفقر في قرى الجنوب.
وقدم عدد من أعضاء الطائفة اليهودية بأكادير ومراكش والدار البيضاء شهادات في حقه، بأنه كان الإنسان الذي خدم بلده المغرب بمشاريعه وعلاقاته وطيبوبته التي يشهد بها الجميع، حيث وفر فرص الشغل والاستمار، وساهم في مشاريع تنموية كان لها الصدى في مناطق سوس ماسة، وفي عدد من أرجاء المغرب وفي مسار الراحل سيمون ليفي السياسي.
وقال سعيد ضور رئيس غرفة الصناعة والتجارة والخدمات لسوس ماسة، وأحد أصدقاء الراحل الذي عاصره واشتغل معه جنبا إلى جنب، سواء في المهام الانتدابية في تاريخ الجماعة الترابية لأكادير أو من خلال مهمات غرفة التجارة والصناعة والخدمات، حيث كانا معا في حزب سياسي واحد (الاتحاد الدستوري)، في شهادته حوله، أنه “كان صديقا للفقراء، يواسيهم، ويخدمهم، بل إنه بمناسبة عيد الأضحى يوزع على مستخدميه في مقاولته نحو ثلاثة آلاف رأس من الأغنام مجانا”.

وشهد له محمد باجلات، رئيس جمعية “إيزوران” (الجذور بالأمازيغية) بأكادير، أنه شكل حالة مثلى للتعايش المغربي بين مختلف مكوناته، إذ يجسد هذه الخصوصية اليهودية المحلية الوفية لملكها والمعتزة ببلدها المغرب، ويعكس صورة ذاك الآزوري الغيور الذي خدم مدينته أكادير باستمرار، وبإخلاص وبحماسة، حيث ستبقى مداخلاته الاحتجاجية، بعفويتها وصدقها، إلى الأبد بصمات على مدى ارتباط هذا الرجل (أركاز بالأمازيغية) بالأرض التي أعطته كل شيء وستضمه إلى الأبد.
يشار إلى أن الراحل سيمون ليفي أنجب مع زوجته دينيس لوك، أكاديرية الولادة، أربعة أبناء، وهم على التوالي: هيرفي، وآري، ومورييل، وديفيد وهؤلاء وهبوه أحفادا فيما بعد، جميعهم حضروا مراسيم دفن الوالد والجد يتقدمهم الحاخم الأكبر ابراهام لنكولن، وعدد من الشخصيات اليهودية والمسلمة بالمدينة.

ولن ننسى حينما التقى مئات من الحجاج اليهود، الذين تنحدر غالبيتهم من الصويرة ويقيمون بالخارج، بقرية أيت بيوض الواقعة على بعد 70 كيلومترا عن مدينة الصويرة للاحتفال بهيلولا الربي نسيم بن نسيم ذات خميس 2 ماي 2010، حينما أكد الحجاج اليهود، الذين كان معظمهم مرفوقين بأطفالهم، على الروابط العميقة التي تصلهم بالمغرب، بلد الانفتاح والتسامح، معربين عن ولائهم وتشبثهم المتين بالعرش العلوي المجيد، وقال أن ذلك الاحتفال الديني “يوفر لنا مرة أخرى مناسبة للتطرق بكل اعتزاز للتطور الكبير المنجز منذ الاستقلال، من طرف المغفور له الملك الحسن الثاني، والذي يواصله اليوم خلفه الملك محمد السادس”، ودعا كافة الطوائف اليهودية الحاضرة أو الممثلة في هذا الموسم إلى الاستثمار بالمغرب، مسقط رأسهم وبوتقة تاريخهم وثقافتهم، والبلد المعروف بتسامحه واستقراره، وقال إن “المغرب مسقط رأسنا سيظل دائما وأبدا فخرا لنا”.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button