
في خطوة مفاجئة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات بعض الدول من بينها الجزائر- تونس والمغرب،لكن بنسب متفاوتة أثارت جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية.
ووفقا للقرار الأمريكي،فقد فرضت رسوم جمركية بنسبة 30% على الجزائر و28% على تونس بينما كانت 10% فقط على المغرب وهو ما يثير تساؤلات حول الأسباب وراء هذا التفاوت والتداعيات المحتملة على اقتصادات الدول المغاربية.
ضربة اقتصادية قوية للجزائر وتونس
يمثل هذا القرار تحديا كبيرا للاقتصادين الجزائري والتونسي،حيث تعتمد الدولتان على صادرات متنوعة إلى السوق الأمريكية،تشمل الفوسفات-المنتجات الزراعية والسلع الصناعية.
ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخطوة سلبا على القدرة التنافسية للشركات الجزائرية والتونسية،مما قد يؤدي إلى انخفاض حجم الصادرات وتراجع العائدات التجارية.
بالنسبة للجزائر، يأتي القرار في وقت حساس،حيث تحاول الحكومة تقليل اعتمادها على النفط والغاز وتنويع مصادر دخلها.
ومع فرض رسوم مرتفعة،قد تجد الجزائر صعوبة في جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة من الشركات الأمريكية التي ستتأثر تكاليفها التشغيلية.
أما تونس، التي تواجه أصلا أزمة اقتصادية حادة،فقد يؤدي هذا القرار إلى تفاقم الصعوبات التي تعاني منها قطاعاتها التصديرية،خاصة في مجالات الصناعات الغذائية والنسيجية مما يزيد الضغوط على ميزانها التجاري ويؤثر على جهود الحكومة لتحفيز النمو الاقتصادي.
المغرب الأقل تأثرا بسبب علاقاته التجارية مع واشنطن
على الجانب الآخر، يبدو أن المغرب هو الأقل تضررا بهذه الإجراءات،إذ لم تتجاوز الرسوم الجمركية المفروضة عليه 10%،وهي نسبة أقل بكثير مقارنة بجيرانه المغاربيين ويعود هذا التفاوت إلى عدة عوامل،أهمها:
اتفاقية التجارة الحرة المغربية الأمريكية، هذه الاتفاقية الموقعة عام 2004،تمنح الشركات المغربية امتيازات تفضيلية في السوق الأمريكية، مما قد يكون عاملا رئيسيا في تقليل تأثير الرسوم الجمركية.
قوة الاستثمارات الأمريكية في المغرب
حيث توجد استثمارات أمريكية كبيرة في قطاعات السيارات- الطيران والطاقة المتجددة، مما يجعل المغرب شريكا تجاريا أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة مقارنة بتونس والجزائر.
العلاقات السياسية والاقتصادية
المغرب يعد حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة خاصة في ظل التعاون الأمني والسياسي بين البلدين،مما قد يكون سببا في فرض رسوم أقل نسبيا عليه.
لماذا هذا التفاوت في الرسوم الجمركية؟
يرى محللون أن السبب وراء اختلاف نسب الرسوم قد يكون مزيجا من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، حيث تسعى الإدارة الأمريكية إلى تعزيز علاقاتها مع شركاء استراتيجيين مثل المغرب بينما تتسم علاقتها مع الجزائر وتونس بتوترات سياسية واقتصادية.
العلاقات الجزائرية الأمريكية متذبذبة بسبب مواقف الجزائر في بعض القضايا الدولية وارتباطها الاستراتيجي بروسيا والصين،وهو ما قد يكون أحد العوامل التي دفعت واشنطن إلى فرض رسوم أعلى عليها.
تونس تعاني من وضع اقتصادي غير مستقر
وقد تكون الرسوم الجمركية جزءا من الضغوط الاقتصادية الأمريكية لدفعها إلى اتخاذ إصلاحات اقتصادية محددة أو مراجعة بعض سياساتها التجارية.
المغرب بحكم انفتاحه الاقتصادي وارتباطه القوي بالأسواق العالمية، استطاع تقليل المخاطر المرتبطة بقرارات مثل هذه مما جعله في وضعية أفضل مقارنة بجيرانه المغاربيين.
كيف سيكون رد الفعل في المنطقة المغاربية؟
حتى الآن، لم تصدر أي ردود فعل رسمية من الجزائر أو تونس حول القرار الأمريكي ولكن من المتوقع أن تسعى الدولتان إلى التفاوض مع واشنطن لتخفيف هذه الإجراءات، خصوصا أن الرسوم المرتفعة قد تؤثر على قطاعات استراتيجية بالنسبة لهما.
الجزائر وتونس قد تلجآن إلى تنويع شراكاتهما التجارية لتعويض الخسائر، عبر تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أو البحث عن بدائل أخرى مثل الصين وروسيا.
المغرب قد يستغل هذا الوضع لتعزيز موقعه كوجهة استثمارية مفضلة للشركات الأمريكية، خاصة إذا تمكن من التفاوض على المزيد من الامتيازات التجارية التي تقلل من تأثير الرسوم الجمركية عليه.
انعكاس للعلاقات السياسية والاقتصادية
يعكس هذا القرار الأمريكي واقع العلاقات التجارية في المنطقة المغاربية،حيث يتضح أن تفاوت السياسات التجارية يعكس اختلاف مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية لكل دولة مع واشنطن. وبينما تواجه الجزائر وتونس تحديات اقتصادية إضافية بسبب هذه الرسوم، يبدو أن المغرب في وضعية أفضل نسبيا وهو ما قد يمنحه فرصة لتعزيز موقعه كشريك تجاري استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة.