
بقلم/ ربيع كنفودي
الحكومة والساعة الإضافية..
على الرغم من مرور سبع سنوات على تفعيله، لا يزال التوقيت الصيفي (غرينيتش+ساعة) يثير الكثير من الجدل، حيث تتجدد مع نهاية كل شهر رمضان، الدعوات والمطالب الرامية إلى التخلي عن هذا التوقيت وإسقاط “الساعة الإضافية”، والعودة بصفة رسمية إلى “الساعة البيولوحية” الموافقة اتوقيت غرينتش والتي كانت تعتمدها المملكة المغربية.
ومنذ أن صادقت الحكومة المغربية، في أواخر عام 2018، على مشروع مرسوم يتيح “استمرار العمل بالتوقيت الصيفي بكيفية مستقرة”، عرف المغرب احتجاجا واسعا بسبب التوقيت المعتمد والمرسوم الصادر، داخل قبة البرلمان، المعارضة آنذاك، والعديد من الهيئات والمنظمات الحقوقية، وحتى التلاميذ الذين خاضوا احتجاجات في عدد من المدن، تم رفع شعار إسقاط التوقيت والساعة الإضافية التي وصفوها بالمشؤومة.
وأمام استمرار الهيئات الحقوقية في الاحتجاج على هذا التوقيت، والهاشتاغ الذي تم رفعه عبر منصات التواصل الإجتماعي يرمي أساسا إلى إسقاط “الساعة الإضافية”، اصطدم المواطن المغربي بغياب تفاعل وتواصل جدي ومسؤول من طرف الحكومة التي فضلت التزام الصمت ونهج سياسة الباب المسدود، حيث عبر البعض عن استغرابه الشديد لصمت الحكومة، أو بالمعنى الأصح صمت العديد من الوزراء الذي “فرعوا رأس المغاربة” بالشعارات والمرافعات في الوقت الذي كانوا ينتمون للمعارضة، ومنهم الوزير عبد اللطيف وهبي الذي احتج وبقوة في تدخله أمام الوزير الإشتراكي السابق.
وهبي، وخلال تدخله بخصوص الساعة الإضافية، قال: “الحكومة لا جواب لها، ليس لكم تقريرا، وليس لكم تصورا ولا رؤية..”، ويضيف صدمتم المغاربة بهذا القرار، دون مراعاة مصالح المواطنين، خصوصا، كما قال “اللي يخرجوا على السادسة مساء في الظلام”، والساعة السابعة صباحا في الظلام”..
وانتقذ وهبي المرسوم الذي اعتبر آنذاك بقرار استثنائي، حيث أكد وهبي في تدخله، “أصدرتم قرارا استثنائيا يوم السبت بخصوص التوقيت الصيفي”، في الوقت الذي كان يضيف، على الحكومة أن تصدر قرارا استثنائيا بخصوص “الزيادة في الأسعار”، وبخصوص “القطار اللي ماتوا فيه الناس”..
سكوت وصمت وهبي اليوم والعديد ممن كانوا يرفعون شعارات رنانة خلال معارضتهم لحكومة البيجيدي في نسختها الثانية، يؤكد فعلا منطقا واضحا أن المناصب تغير الأفكار والمبادئ. ففي الوقت الذي كان لزاما على الحكومة الاستجابة لمطالب الجمعيات والهيئات ورواد مواقع التواصل الإجتماعي، فضلت كعادتها الصمت، وهو ما يكرس فعلا المنطق الذي تنهجه مع الشعب المغربي “هضروا حتى تعياو، ندير اللي بغيت”. وهنا نتساءل مرة أخرى، أين هو كلام عبد اللطيف وهبي الذي أجاب الوزير لحسن الداودي، “بالله عليكم قوى من الشعب المغربي قالوا المقاطعة، الحكومة ما تجاوبتش..”، مضيفا الوزراء ديالكم كيسبونا كيسبوا الشعب المغربي، قالوا عليه “لمداويخ”، كاين اللي قالوا “القطيع”..وأضاف وهبي في نفس السياق، “واش هاد الشعب ماشي من حقه يتحاور معكم”، “واش وسائط التواصل الإجتماعي جايا من الزنقة”، “كيفاش المواطن يصوت عليك كديموقراطي، وأنت تشتمهم، واش هادي حكومة هادي..”.
فعلا نحن أمام تناقض صارخ لوزراء أسكتهم الكرسي والمنصب عن قول الحق، فالخوف من فقدان الكرسي، يحول الشخص، بل يجعله يضرب المبادئ التي كانت يتحدث عنها عرض الحائط، لا يبالي لا بالمواطن ولا بأي شيء آخر، بقدر ما يهتم بنفسه، منصبه والكرسي الذي طال الزمن أو قصر سيكون لغيره..
ومما زاد الأمر انتكاسة، هو تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي عودنا إما بخرجاته المستفزة وغير المفهومة بالمرة، وإما بالتزامه الصمت والتهرب من الإجابة، وهذا واقع تنهجه الحكومة، وإن تحدث أحدهم يخرج من يتقن “تخراج العينين”، ليرد ويكذب. قلت، خرج بايتاس خلال الندوة الصحفية التي تلت أشغال المجلس الحكومي، وعوض أن يعطي جوابا شافيا بخصوص الساعة الإضافية والمطالب التي تم رفعها لإسقاطها، خرج وقدم برنامجه الرياضي اليومي، وأجاب بطريقة، “نتفهم الصعوبات عند العائلات”، نفكروا فيه ومطروح للنقاش”، “يجب أن يتدارس في شموليته”، “مين تكون الإمكانية الحكومة غادي تدخل”. جواب المسؤول الحكومي يؤكد مرة أخرى، بأننا اليوم أمام حكومة “الشفوي”، حكومة تتكلم كثيرا، ولا تقدم شيئا، حتى حديثها عن المنجزات، فهي أوراش ملكية بامتياز أطلقها صاحب الجلالة. ولعل حصيلتها في محاربة الفساد، البطالة محاربة الفوارق الإجتماعية، تلخص حقيقة حكومة الكفاءات.
واقع مر يعيشه المواطن المغربي مع هذه الحكومة، أحزابها اليوم عوض أن تتسارع من أجل مصلحة المواطن، باتت اليوم هذه الأحزاب تتسابق عمن سيفوز في الاستحقاقات المقبلة لقيادة “حكومة المونديال”، كما يسمونها في خرجاتهم.. فمتى كنا نسمع بحكومة المونديال، أو حكومة أخرى، نحن دائما نسمع ونعرف “حكومة جلالة الملك” التي يتم اختيارها لخدمة الوطن والمواطن، وليس العكس حكومة تخدم مصالح بعض أفرادها، أو حكومة كأس قاري أو عالمي.