
منذ ما يقرب الخمس عقود، تورطت الجزائر في نزاع إقليمي طويل الأمد مع المغرب حول ملف الصحراء المغربية، بدعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية، ومستخدمة لموارد البلاد وثروات الشعب وتجييش ترسانتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية لتغذية صراعٍ غير مجدي.

لكن هذا الملف، الذي كان يعتقد النظام الجزائري أنه ورقة ضغط استراتيجية، تحول مع مرور الزمن وبشكل تدريجي إلى عبء ثقيل يقود البلاد نحو كوارث آثارها تمثلت في العزلة والانهيار.
أنفقت الجزائر على مدار سنوات عشرات المليارات من الدولارات لإبقاء حالة العداء مع المغرب عبر توظيف جبهة البوليساريو وتحويلها إلى بيدقها المدعوم في المحافل الدولية على حساب الشعب الجزائري المغلوب على امره والمصادرة ارادته.
استعملت الجزائر البوليساريو ضدا في المغرب عبر دعمها اللوجستي والسياسي والإعلامي، في حين كان من المفترض ان تستثمر الدولة هذه الأموال داخليا لخدمة المواطن ومعالجة أزمات نقص فرص العمل الناتجة عن عدم بناء اقتصاد حقيقي مهيكل والرفع من جودة التعليم والصحة.
وعوض تنمية الجنوب الغني واستفادة المواطنين المهمشين من ثرواته خصصت الجزائر مواردها لإطالة أمد نزاع لا يخدمها في شيء.
لقد وجدت الجزائر نفسها في عزلة دبلوماسية متزايدة بسبب هذا الملف الذي افقد وزنها وهيبتها على المستوى الدولي، وبقيت الجزائر متشبة بخطاب كريه قديم تجاوزه الزمن.
ومع الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، ثم تلاه الإسباني والألماني والفرنسي وتوالي افتتاح القنصليات في العيون والداخلة وثبات مواقف الدول العربية والإسلامية والافريقية في مجملها الداعمة للمغرب وتخلي معظم دول أمريكا الجنوبية عن نظرتها المؤيدة للبوليساريو، بدأ العالم يقتنع بأن ما تسوقه الجزائر كان مجرد نصب واحتيال مبني على سردية وهمية.
تعاظم الدعم الدولي لمغربية الصحراء جعل الجزائر في صورة ذلك الذي يقاتل لوحده في معركة الطواحين الوهمية الخاسرة.
وللأسف لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل اختارت الجزائر في 2021 طريق الخطأ بعد قطع علاقاتها مع المغرب، تحت ذريعة أسباب شكلية غير مقنعة، بينما السبب الحقيقي مرده الانتكاسات الدبلوماسية المرتبطة بملف الصحراء المغربية.
وفي ظل ما حدث على مدار السنوات الأخيرة يتضح جليا أن رهان الجزائر على قضية خاسرة سيدمرها من الداخل وقد بدأنا نلمس تداعيات ذلك من خلال تأثر المواطن بشكل مباشر.
فعندما يُحرم الجزائري من اللحم والموز وووووو…بل وحتى من مواد التخذير الخاصة بالأسنان فقط لكون الدول التي تستورد منها الجزائر هذه المواد غيرت موقفها لصالح مغربية الصحراء فإنها بحق مصيبة كبرى يعيشها شعبنا المحقور.
ان سياسة المكابرة والصمت عن الهزائم وفقدان الأصدقاء والدخول في أزمات مع العديد من الدول سواء في الجوار أو حتى من تبعد بآلاف الكيلومترات بسبب استعداء المغرب جعل الجزائر تدفع الثمن باهظا.
على الجزائر مراجعة موقفها، وان تعود إلى منطق العقل والمصلحة الوطنية قبل كل شيء، والا فإن هلاكها كدولة، سيصبح للأسف أمرًا واقعًا لا رجعة فيه.
والشيخ كان صادقا في كلامه….تابع الرابط التالي: https://web.facebook.com/share/v/1BgftAinSM/