الجزائر ترد باحتشام على دعم الوحدة الترابية للمغرب وغضب مُكبّل أمام واشنطن؟

جاء رد فعل الجزائر على التأكيد الأمريكي المتجدد بدعم مغربية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باحتشام ملحوظ، اليوم الأربعاء، بعيدًا عن الاستدعاء المعتاد للسفير من العواصم الداعمة للمغرب، كما جرت العادة مع باريس ومدريد وغيرهما. هذا الرد الهادئ يثير التساؤلات حول ما إذا كان “مخزون الغضب العسكري” قد نفد أمام هيبة البيت الأبيض التي تبدو أنها تفوق تأثير الإليزيه وقصر “لا مونكلوا”.
الجزائر، التي اعتادت تصدر نشرات الأخبار بسيل من البلاغات الاستنكارية ولغة الوعيد تجاه أي دولة تدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، اكتفت هذه المرة، عبر بلاغ صادر عن وزارة خارجيتها، بالإعلان عن “أخذ العلم بتأكيدات موقف الولايات المتحدة الذي يعتبر مخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية كحلٍّ أوحد”.
نظام الحكم العسكري الجزائري، الذي لم يتردد يومًا في استدعاء سفرائه وإطلاق “صرخات استقوائية” عند مواجهة مواقف مماثلة، بدا هذه المرة مختلفًا. فقد اكتفت الخارجية الجزائرية، في بلاغها المقتضب، بالتعبير عن “أسفها لتأكيد هذا الموقف من قبل عضو دائم في مجلس الأمن الدولي”.
يبدو أن النظام الجزائري، الذي يعتمد على ازدواجية في سياساته الخارجية، يواجه اليوم عزلة دبلوماسية غير مسبوقة. فقد وجد نفسه محاصرًا في محيطه الإقليمي، حيث لم تكتفِ دول الساحل الإفريقي بسحب اعترافها بالجمهورية الوهمية، بل أغلقت مجالها الجوي في وجه الطائرات القادمة من الجزائر. يأتي هذا في وقت تتصاعد فيه الأزمات مع فرنسا، ويعيش الوضع الداخلي على وقع التذمر الشعبي المتزايد.
تتوج هذه العزلة باستقبال الجزائر لوزير الخارجية الإيراني، بالتزامن مع زيارة وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن ولقائه كبار مسؤولي البيت الأبيض. هذا المشهد الدال يبرز الفرق الشاسع بين من ينسج شراكات استراتيجية قوية، ومن يبحث عن متنفس مؤقت يوهم بالابتعاد عن العزلة المتزايدة.
ويعكس رد الفعل الجزائري الهادئ والمقتضب على التأكيد الأمريكي لدعم الوحدة الترابية للمغرب تحولًا ملحوظًا في نبرة الردود الجزائرية المعتادة. ويشير هذا الاحتشام، في ظل العزلة الدبلوماسية المتزايدة التي تواجهها الجزائر، إلى قيود جديدة أو اعتبارات مختلفة في تعاملها مع المواقف الدولية الداعمة للمغرب.