التحول المحتمل في موقف روسيا من قضية الصحراء المغربية.. بين الديناميكيات الدولية والإقليمية

في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يشهدها العالم، برزت مؤشرات واضحة على احتمال حدوث تغيير في موقف روسيا تجاه قضية الصحراء المغربية وذلك على خلفية تطورات دبلوماسية لافتة. فقد شهدت العاصمة الروسية موسكو خلال الأيام الماضية لقاء هاما جمع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين بسفير المملكة المغربية لدى روسيا لطفي بوشعرة. اللقاء تناول مستجدات قضية الصحراء المغربية، حيث أكدت موسكو مجددا دعمها للتوصل إلى حل سياسي واقعي ودائم، قائم على قرارات مجلس الأمن الدولي مع التشديد على أهمية الحفاظ على بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” التي تلعب دورا محوريا في تسهيل العملية السياسية.
هذا الحراك الدبلوماسي الروسي يأتي في وقت يتزايد فيه الزخم الدولي الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي والتي تعتبرها قوى دولية فاعلة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية حلا جادا وذي مصداقية. فمباشرة بعد لقاء المسؤولين المغاربة والروس، جددت واشنطن موقفها الثابت المؤيد لمقترح المغرب، مما يعكس توجها دوليا متزايدا نحو الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وفي سياق متصل، يرى عدد من المراقبين أن موسكو بدأت تراجع موقفها التقليدي في ظل تقاربها المتنامي مع دول الساحل الإفريقي، وتحديدا التحالف الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر. فقد صدر مؤخرا بيان مشترك عن هذا التحالف وروسيا، أعلنت فيه موسكو التزامها بدعم هذا التكتل إقليميا وعسكريا من خلال توفير الأسلحة والتدريب لقوة مشتركة قوامها 5000 جندي، سيتم نشرها في منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى.
هذا التوجه الروسي الجديد يحمل في طياته رسائل غير مباشرة إلى الجزائر، الحليف التقليدي لروسيا في المنطقة والتي تواجه انتقادات متزايدة من دول الساحل بسبب تدخلاتها في شؤونها الداخلية. وينظر إلى الدعم الروسي لتحالف الساحل على أنه تراجع ضمني عن سياسة موسكو السابقة التي كانت تنسجم بشكل كبير مع مواقف الجزائر، خاصة فيما يتعلق بدعم جبهة البوليساريو.
التقارير والتحليلات الجيوسياسية تشير إلى أن روسيا قد تكون بصدد إعادة تقييم علاقتها بالجزائر في ضوء المصالح المتغيرة، لا سيما مع تراجع الدور الجزائري في إفريقيا وصعود علاقات موسكو مع قوى إقليمية جديدة. كما أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والذي سبق أن اعترف بسيادة المغرب على الصحراء، قد يعزز مناخا دوليا يدفع في اتجاه الحسم النهائي لهذا النزاع المفتعل.
إلى جانب ذلك، هناك مؤشرات على هذه التطورات تضع روسيا أمام خيار استراتيجي جديد: إما الاستمرار في الحياد التقليدي، أو الانضمام إلى المسار الدولي المتنامي الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية.