أخبارالرئيسيةثقافة و فن

مفهوم الادب الافريقي

بقلم: رمضان مكاسري (طالب شعبة الدراسات الافريقية جامعة محمد الاول وجدة)

يعتبر الأدب الأفريقي وثيقة مهمة تستحق التأمل و الدراسة، فهو الزاد الذي يحمل التصوير الفني لخيالات الإنسان الأفريقي، و يعبر عن وجدانه و مشاعره و أحاسيسه على طول القارة وعرضها، فهو جدير لأن يأخذ مكانته الخاصة بين الآداب العالمية ليساير مكانة هذه الشعوب الأفريقية، التي انتزعت حريتها من قبضة الإستعمار الغربي.

هل مسمى “الأدب الأفريقي” مشروطًا بإنتاجه وكتابته في أفريقيا ؟ هل يمكن أن يتناول الأدب الأفريقي أي موضوع، أم أنه يشترط أن يطرح موضوعًا له بُعد أفريقي؟ هل يجب ان يحتضن الأدب الأفريقي القارة الأفريقية بأكملها، أو جنوب الصحراء، أو أفريقيا السوداء فقط ؟ ثم هل يُكتَب باللغات الأفريقية الأصلية؟ أم يجب أن يتضمن كتابات باللغة العربية، والإنجليزية، والفرنسية والبرتغالية ؟

 ان إشكاليات الأدب الأفريقي من حيث المفهوم والحدود والآثار وإثبات الهوية متعددة ولذا فهو أدب اختلف حوله جدا .. وأوائل المختلفين حوله، هم الكتاب الأفارقة أنفسهم الذين نالوا حظا مقدرا من الشهرة، ذلك راجع أولا إلى الظروف الخاصة التي نشأ فيها هذا الأدب وإلى الموضوعات والقضايا التي يعالجها من جهة وكذلك الأداة التي يلجأ إليها في التعبير من جهة أخرى، وهي اللغة الأجنبية من جانب آخر.

هناك إجماع عام بين جمهور المسـتـفـرقين على أن “الأدب الأفـريـقـي” مصطلح يعني أدب المناطق التالية جنوبا للصحراء الكبرى حتى التقاء القارة بالمحيط في أقـصـى الجنوب. وقد نشأ هذا الإجماع من إجمـاع سـابـق عند المستفرقين أيضا على أن أفريقيا قارة تقسمها الصحراء الكبرى إلى قسمين مختلفين كل الاختلاف: قسم يقع شمالها ويسمى ” أفريقيا العربية الإسلامية ” وآخر يقع جنوبها ويسمى ” أفريقيا جنوب الـصـحـراء أو أفريقيا السوداء.

 من الغريب أن هذا الإجماع الاستفراقي على مصطلح غيـر دقـيـق جـر وراءه إجماعـا آخر أفريقيا. فقد أخذ جمهور الدارسين الأفـريـقـيـن بـهـذا المصطلح و تداولوه، حتى صار من مسلمات البحـث فـي الأدب الأفـريـقـي. وفي ذلك يقول الباحث الناقد الروائي، ابن جنوب أفريقيا، إزكيال مفاليلي ” إن الشمال العربي المسلم لا علاقة له من الناحية الثقافية بالإنسان الافريقي “.  

يعتبر موكوما وانجوجي الأدب الأفريقي أدبًا عالميًّا مصغَّرًا؛ لأنه يجمع كتابات وإنتاج مئات الكتاب والكاتبات، سواء مَن يستقرون في أفريقيا ويكتبون باللغات الاستعمارية (الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية) أو من كتبوا الروايات باللغة المحلية ثم ترجمت إلى لغات الاستعمار، علاوة على الأدباء ذوي الأصول الأفريقية الذين يعيشون في الشتات، بالإضافة إلى الأدباء الذين ينحدرون من أصول أفريقية، وينتقلون بين الوطن الأم (أفريقيا) والأوطان البديلة في المهجر،  الذين ولدوا وترعرعوا في المنافي، ولكنهم ظلُّوا مرتبطين عاطفيًّا بالقارة السمراء.

 في كتابه (دراسة في الأدب الإفريقي الحديث)؛ عرّف “لورنس كورباندي كوديس” الأدب الأفريقي بأنه: “ذلك الأدب الذي يتناول موضوع الأصل الإفريقي، كحقيقة تاريخية بعيدا عن العنصرية ومستندا على فكرة الزَّنْوَجَة مظهرا من مظاهر الأفرقة ويتخذ في ذلك شتى الوسائل الأدبية في التعبير عنه”.ذ

الأدب الإفريقـي إذن، وكمـا حـدده الدكتور جـوريس سيلينكس أستاذ الأدب الإفريقي بجامعة كارنيجي ميلون بالولايات المتحدة الأمريكية، هو: “الإنتاج الأدبي للشعوب الواقعة جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى، والذي بدأ زمانياً مع عهد الاستعمار الأوروبي للقارة”، وهـو يتسم بالمحليـة الشـديدة، فهـو أدب يتشرب من الميثولوجيا، والبيئة، والعادات، والدين والخرافات، والأساطير، هذه العوالم جميعها تصب دائماً في أجناس الأدب الأفريقي كلها بصورة أو بأخرى.

ويعرّفه أديب جنوب أفريقيا “مازيسي كونيني” بقوله: “هو الأدب الذي يصور واقعا أفريقيا بجميع أبعاده. وهذه الأبعاد لا تضم ألوان النزاع مع القوى صاحبة السيطرة السابقة على القارة وحسب، وإنما تضم أيضا النزاعات داخل القارة الأفريقية” .

ومن المواقف المثيرة للجدل أن الشاعر النيجيري “كريستوفر أوكيغبو” ينحى منحى مختلفا في تعريفه للأدب الأفريقي قائلا: “هو ببساطة الأدب الموجود في أفريقيا ومن السخف أن نتصوره نمطا خاصا ذا سمات متينة لها طابعها الأفريقي الخاص، أو ذا قيمة خاصة مرتبطة بالحضارة الأفريقية”. وأضاف: “إنه لا يوجد أدب أفريقي، وإنما (أدب) جيد ورديء، ولا شيء غير ذلك”.

 يقول الروائي النيجيري الشهير تشينوا أتشيبي “لا يمكن أن تحشر الأدب الأفريقي في تعريف صغير محكم.. فأنا لا أرى الأدب الأفريقي كوحدة واحدة، وإنما أراه كمجموعة من الوحدات المرتبطة، تعني في الحقيقة المجموع الكلي للآداب القومية والعرقية في أفريقيا”.

يمكن القون ان الأدب الأفريقي هو الأدب الذي يتناول قصص وروايات وشعر ومسرحيات وغيرها من الأعمال الأدبية التي كتبها وأنتجها الكتاب والمثقفون في القارة الإفريقية او خارجها. ويعكس تراث الثقافات والمجتمعات المتنوعة في القارة الإفريقية ويعبر عن الهوية الإفريقية والتحديات التي تواجهها.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button