المغرب يعود بقوة إلى سوق السياحة في أمريكا اللاتينية عبر معرض ساو باولو

بعد غياب دام ست سنوات فرضته تداعيات جائحة كوفيد-19، بصمت المملكة المغربية على عودة قوية إلى سوق السياحة في أمريكا اللاتينية من خلال مشاركة بارزة للجناح المغربي في معرض (دابل يو تي إم)، الحدث الأبرز في قطاع السفر والسياحة بالمنطقة، والذي انطلقت فعالياته أمس الاثنين في مركز (إكسبو سنتر نورتي) بمدينة ساو باولو البرازيلية.
وتأتي هذه المشاركة الطموحة للناقل الوطني، الخطوط الملكية المغربية، بعد أربعة أشهر فقط من استئناف رحلاتها الجوية المباشرة مع البرازيل، لتؤكد على الأهمية الاستراتيجية التي توليها المملكة لهذه السوق الواعدة في إطار سعيها لتوسيع نفوذها وتعزيز حضورها واستكشاف آفاق جديدة لوجهات متنوعة تربط الدار البيضاء بأكثر من 140 محطة في أفريقيا وأوروبا وآسيا.
وتحت شعار “حينما تلتقي التكنولوجيا بالعاطفة”، تجسد نسخة 2025 من المعرض ملتقى للابتكار والمشاعر، حيث يستقطب أكثر من 840 عارضًا يمثلون مختلف مكونات الصناعة السياحية، من وكالات سفر وفنادق وشركات طيران ونقل بحري ترفيهي وشركات تأجير السيارات، لعرض منتجاتهم وخدماتهم أمام ما يقارب 30 ألف مهني وصانع قرار يطمحون لاستكشاف أحدث الاتجاهات وإقامة شراكات مثمرة.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد عثمان بابا، الممثل الإقليمي للخطوط الملكية المغربية في أمريكا اللاتينية، أن الشركة تعتبر هذه العودة “التي تأتي في أفضل الظروف” فرصة سانحة للتواصل الفعال مع الفاعلين الرئيسيين في القطاع بمنطقة أمريكا اللاتينية. وأضاف: “نحن هنا لاستكشاف فرص الأعمال وتعزيز جاذبية شبكة نقلنا العابرة للقارات، وتأكيد سلاسة الربط عبر مركزنا في الدار البيضاء، بالإضافة إلى تسليط الضوء على خدماتنا المتميزة، خاصة في مجال سياحة الأعمال. ومن خلالنا، تفتح الوجهة المغربية ذراعيها للجميع”.
وتجدر الإشارة إلى أن الخطوط الملكية المغربية تسجل منذ عودتها إلى البرازيل معدلات ملء تفوق 80 في المائة على متن رحلاتها، مما يعكس الانتعاش القوي والإقبال المتزايد من السوق البرازيلية على السفر إلى المغرب.
وخلال أيام المعرض الثلاثة، ستعمل الشركة على تكثيف لقاءاتها مع كبرى وكالات الأسفار في القارة بهدف إدراج المغرب ضمن قوائم الوجهات السياحية المفضلة لديهم. كما يُنتظر أن توقع الشركة بروتوكول نوايا مع الوكالة البرازيلية للترويج للسياحة الدولية “إمبراتور”، مما يعكس الإرادة المشتركة للطرفين في تعزيز الروابط السياحية بين البلدين.
وفي جناح مغربي متميز يمتد على مساحة 40 مترًا مربعًا بألوان حمراء زاهية، تستعرض الخطوط الملكية المغربية أحدث أسطولها، بما في ذلك طائرة بوينغ 787-900 دريملاينر الفاخرة، ومقصورة درجة الأعمال التي خضعت لتحديث شامل، بالإضافة إلى إمكانات الاتصال المتاحة على متن طائراتها. كما تدرس الشركة آفاق زيادة عدد الرحلات الجوية بين الدار البيضاء وساو باولو من ثلاث رحلات حاليًا إلى خمس أو ست رحلات أسبوعيًا، مع وجود توجه لفتح خط جوي جديد إلى مدينة ريو دي جانيرو على المدى المتوسط.
وقد حظيت هذه الطموحات بإشادة من رئيس “إمبراتور”، مارسييلو فريكسو، الذي وصف المعرض بأنه واجهة استراتيجية ذات نطاق عالمي، ومناسبة مثالية لخلق فرص الأعمال واستقطاب الزوار الدوليين، مؤكدًا أن “المغرب يمثل نموذجًا حقيقيًا وسوقًا واعدًا للغاية بالنسبة للبرازيل”.
وتأتي هذه الدينامية في سياق الصعود المتزايد للبرازيل على الساحة الدولية، حيث تستعد لاستضافة قمة المناخ (كوب 30) وقمة البريكس، مما يعزز من أهمية معرض (دابل يو تي إم) أمريكا اللاتينية كمنصة للتبادل والتعاون الدولي في قطاع السياحة.
وبينما تواصل الخطوط الملكية المغربية جهودها لتعزيز الربط الجوي بين ضفتي المحيط الأطلسي، يواصل المكتب الوطني المغربي للسياحة مواكبة هذه الدينامية من خلال استراتيجية ترويجية طموحة ترتكز على التنوع الثقافي والطبيعي الغني للمملكة وجودة عرضها الفندقي.
وقد عبرت ليان كوماسيتو، من مؤسسة وكالة (إيليو نريب) المشاركة في المعرض بعد رحلة استكشافية نظمتها الشركة، عن إعجابها الكبير بالمغرب، مؤكدة أن “المغرب بلد ساحر يترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة كل زائر. إنه بلد نابض بالحياة ومليء بالألوان والنكهات، ويدعو إلى العودة لاستكشاف المزيد ومشاركة هذه التجربة الفريدة مع الآخرين”.
وتعكس الأرقام هذا التوجه الإيجابي، حيث زار المغرب أكثر من 40 ألف سائح برازيلي في عام 2024، بزيادة قدرها 7 في المائة. ويؤكد الربع الأول من العام الجاري هذا النمو باستقبال أكثر من 12 ألف زائر، أي أكثر من ضعف الفترة نفسها من عام 2024. كما شهدت ليالي المبيت الفندقية نموًا بنسبة 136 في المائة خلال شهر يناير الماضي.
ويجسد الجناح المغربي في ساو باولو جوانب من التقاليد المغربية الأصيلة، حيث يتم تقديم الشاي بالحلويات التقليدية وسط عبق الروائح الشرقية، بمشاركة وكلاء أسفار مغاربة ممثلين بفروعهم المحلية للتواصل المباشر مع المتخصصين في القطاع.
ويتخلل المعرض سلسلة من الندوات رفيعة المستوى وجلسات النقاش التي تجمع خبراء ومؤثرين وصناع قرار لتحليل التحولات العميقة في صناعة السياحة العالمية واستكشاف سبل تعزيز الابتكار والشراكات المستدامة في هذا القطاع الحيوي.