أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر وفرنسا: باريس تلوّح بالرد بعد طرد دبلوماسييها

في تصعيد دبلوماسي جديد يُهدد العلاقات الفرنسية الجزائرية، أعلنت باريس يوم الإثنين أن السلطات الجزائرية أمهلت 12 موظفا في السفارة الفرنسية لمغادرة أراضيها في غضون 48 ساعة.
ويعد هذا الإجراء ردا مباشرا على توقيف السلطات القضائية الفرنسية لثلاثة أشخاص بينهم موظف في القنصلية الجزائرية بفرنسا، ضمن تحقيقات تتعلق بمخطط يشتبه في صلته بالإرهاب.
وفي أول رد رسمي فرنسي، حذر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان بارو من اتخاذ إجراءات مقابلة ما لم تتراجع الجزائر عن قرار الطرد.
وقال بارو في بيان رسمي وزع على وسائل الإعلام: “أدعو السلطات الجزائرية إلى العدول عن هذا القرار الذي لا علاقة له بالإجراءات القضائية الجارية في فرنسا” وأضاف: “إذا تمسكت الجزائر بقرارها،فلن يكون أمامنا خيار سوى الرد الفوري”.
ووفق مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن من بين الدبلوماسيين المطرودين موظفون يتبعون لوزارة الداخلية الفرنسية،مما يبرز حساسية القضية وتشابكها بين الأبعاد القضائية والسياسية.
خلفية القضية القضائية
تعود جذور الأزمة إلى توقيف القضاء الفرنسي لثلاثة أشخاص، بينهم موظف رسمي في القنصلية الجزائرية بفرنسا وجهت إليهم تهم خطيرة تتعلق بالخطف والاحتجاز القسري.
ووفقا للنيابة العامة الوطنية الفرنسية،فإن التهم مرتبطة باختطاف المعارض والمؤثر الجزائري المعروف “أمير بوخرص” الملقب بـ “أمير DZ”والذي يقيم في فرنسا منذ عام 2016.
ويعد بوخرص من أبرز المعارضين الجزائريين على وسائل التواصل الاجتماعي، واشتهر بانتقاداته الحادة للنظام الجزائري.
وقد حصل على اللجوء السياسي في فرنسا عام 2023، بعد أن رفضت المحاكم الفرنسية طلب تسليمه للجزائر عام 2022 رغم وجود تسع مذكرات توقيف دولية صادرة بحقه بتهم تتعلق بالاحتيال و”جرائم إرهابية” وفق تصنيف السلطات الجزائرية.
التحقيقات الجارية في فرنسا تشير إلى أن عملية اختطافه تمت أواخر أبريل 2024، ما أثار موجة من الجدل والاتهامات المتبادلة بين الطرفين، ودفع باريس إلى توقيف المتورطين المفترضين،بينهم ممثل دبلوماسي وهو ما اعتبرته الجزائر “خرقا للأعراف الدولية”.
موقف الجزائر وتصعيد اللهجة
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا شديد اللهجة مساء السبت، أدانت فيه ما وصفته بـ”التطور الخطير وغير المبرر”معتبرة أن توقيف دبلوماسي جزائري يمس بالسيادة الوطنية ويهدد العلاقات الثنائية.
وجاء في البيان أن “الجزائر لن تترك هذه التجاوزات تمر دون رد أو عواقب”، مما مهد لإعلان طرد الموظفين الفرنسيين في خطوة تؤشر على دخول العلاقات بين البلدين في نفق أزمة جديدة.
علاقات مضطربة وسجل طويل من الأزمات
وتأتي هذه الأزمة الدبلوماسية على الرغم من التصريحات الإيجابية الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان بارو، الذي كان قد التقى بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية أحمد عطاف مشيرا إلى وجود “مرحلة جديدة” في العلاقات بين البلدين.
لكن المراقبين يرون أن التوترات بين الجزائر وفرنسا لم تهدأ فعليا منذ سنوات، وتغذيها ملفات حساسة على رأسها الذاكرة الاستعمارية، قضايا الهجرة ودور الجالية الجزائرية في فرنسا.
وتظهر الأزمة الأخيرة هشاشة العلاقات الثنائية واستمرار التوتر الكامن رغم محاولات التهدئة.